"الأنا ليس الكائن الذي يبقى في وجوده هو عينه بل الكائن الذي يرتكز وجوده على التماهي وعلى البحث عن هويته من خلال كل - ما يحدث له..."- ١ السؤال الذي استفز الفيلسوف امنيال ١٩٩٥ ) كثيرا وأثار فيه عدة / ليفناس ( ١٩٠٦ استفهامات هو تخوفه من وجوده في عالم لا يحمل أية جدة ممكنة وانخراطه في حياة خالية من الأمل ومعدة بشكل مسبق دون ضمانات للاستمرار في البقاء والمعطى الذي عزز تخوفه هذا أن لا أحد من المجموع البشري يملك أي نوع من أنواع القدرة على التغيير والاختيار ولذلك لم يكن مشروعه منصبا فقط حول تعويض روحانية المعرفة بروحانية الحب المهددة من قبل اللاعقلانية الطاغية نتيجة هيمنة التقنية وانتصار التصور الوضعي للعلم بل تمحور حول السبل الكفيلة بإيقاظ البشر من سباتهم الدوغمائي الذي جعلهم يعتقدون أنهم قادرون في يوم ما على التحكم في الأزمات التي يتعرضون إليها واقتراح الحلول الجذرية لها. القرار الذي اتخذه بالتوجه نحو الفلسفة لم يكن وليد الصدفة بل نتيجة إيمانه الراسخ بأن "الفلسفة هي نفس الثقافة وروح الحضارة التي شكلتنا وجعلت منا نحن ما نحن" بالإضافة إلى تتلمذه ومقابلته لأهم الفلاسفة في عصره وبالخصوص هيدجر وياسبرس ومرسال وبرنشفيك. بيد أن الشحنة الكبيرة التي دفعته نحو التفكير في عالم الحياة أتته من التراث اليهودي المستنير وخاصة تأويلات حاييم فولوزنار المتحررة للتوراة واعتباره هذا الكتاب "الكلمات الأولى التي ينبغي أن يصرح بها من أجل أن يكون للحياة الإنسانية معنى"، كما تأثر بكل الكتاب والسياسيين الذين واجهوا الحكم الشمولي سواء الشيوعي أو النازي وحاولوا إيجاد علاقة جديدة مع المستقبل تتميز بسخاء إبداعي وقد انخرط هو نفسه في مشروع مناهضة النازية بكتابته مقال بلور | |
فيه "بعض الأفكار حول الفلسفة الهتلرية سنة ١٩٣٤ أين رفض مفهوم الحشد وقاوم سياسة تكبيل الجسد التي تمارسها الدعاية النازية واعتدائها على قيم الكرامة والحرية الشخصية وقد بدأ يتحسس هنا المشكل الفلسفي المركزي الذي سيرتبط اسمه به ويرفعه إلى صف الفلاسفة الكبار وهو مشكل علاقة الانية بالغيرية فكيف يتسنى لنا منذ البدء أن نعلن أن ليفناس هو فيلسوف الغيرية؟ ماهي علاقة الانية بالغيرية؟ ومن يحدد الآخر؟ هل المطابق هو الذي يحدد الآخر أم الآخر هو الذي يجعل من المطابق مطابق لذاته؟ كيف يكون المرء ذاته ويصبح أنا؟ هل عن طريق الوعي أم عن طريق الإرادة؟ هل عن طريق القول أم عن طريق الفعل؟ كيف تطرح هذه الذات ذاتها؟ هل بالانفصال عن العالم والانطواء على ذاتها أم بالانخراط في العالم والانفتاح على الآخر؟ ماهو الآخر؟ ولماذا أصبح الآن مشكلا فلسفيا بامتياز ؟ هل هو عدو للذات أم هو عين الذات كآخر؟ من أين ينبع إحساس الذات بالضياع في العالم وباللاحماية من الآخر؟ وماذا تفعل للتغلب على هذا الخطر المتأتي من الآخر؟ كيف يمكن للذات أن تفتك مكانا ما تحت الشمس وتنجز كيانها دون أن تعرض حياة الآخر إلى الخطر؟ ماهو الطريق الجديد الذي انخرط فيه ليفناس وساعده على حل معضلة الانية والغيرية؟ ألا ينبغي أن تتوقف على اعتبار الآخر مجرد شيء ونبدأ في معاملته كشخص ينتمي مثلنا إلى دائرة النوع البشري؟ هل يقدر الحوار على إزالة سوء التفاهم بين الأنا والآخر أم يجب أن والتلاقي rencontre la نتعدى ذلك نحو المقابلة وجه لوجه؟ ماذا تضيف المقابلة إلى الحوار؟ للأخر l’épiphanie كيف تبدأ الذات في التجلي دون تزييف في لحظة المقابلة والتلاقي؟ وألا يفعل الآخر نفس الأمر من خلال الوجه الذي يتيح له فرصة التجلي للذات والكف عن الغربة visage والانطواء؟ وهل يجوز أن نعتبر الوجه الجسر الاتيقي المنشود الذي يربط بين العين والغير؟ لكن عن أي وجه آخر نتحدث؟ وما المقصود بأخر الوجود بالنسبة للذات؟ ما نراهن عليه هو تخطي منطق التنافي والتخاصم وتفكيك قلاع الهويات المتكتمة على ذاتها ومد جسور التواصل والتصافي بين الذوات والأمم من أجل تحقيق مجموعة من التفاهمات وانجاز جملة من التشاركات قصد بناء الهوية الإنسية الكونية المؤهلة لتحمل مسؤولية المحافظة على الحياة الأرضية وتحقيق وصية الاستخلاف والائتمان والتعمير. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق