إدريس هواري
I
كتب الأستاذ قسطنطين زريق كتابه المعروف "نحن والتاريخ"(1) بهدف الدفاع عن أهمية الفكر والثقافة التاريخيين، بالنسبة لمجتمع يتوخى استعادة مجده التاريخي، ومكانته الحضارية بين المجتمعات. هذه الدعوة لم تجد، بعد، لها، منفذا في الفكر والمجتمع العربيين؛ إذ أن الدعوة لتبني نزعة تاريخية مازالت مطروحة، ولربما أكثر حدة، مما كان عليه الأمر، وقت وضع الأستاذ قسطنطين زريق لكتابه، أي سنة 1959. ونحن على مشارف الألفية الثالثة، نجد أن الوضع العالمي تغير جذريا، فظهرت تحديات جديدة، وتقسيمات عالمية لمناطق النفوذ، تنذر بدوام أشكال الهيمنة والسيطرة التي عرفها العالم العربي، ولكن بأدوات واستراتيجيات مغايرة تساير الوضع الجديد، أمام هذا الوضع نجد أن العالم العربي لم يتغير كما كان مأمولا، وأن النهضة مازالت بعيدة المنال.
* في هذا الإطار يأتي كتاب الأستاذ سالم يفوت "نحن والعلم"(2)، لإعادة طرح، مسألة علاقة العرب بتاريخهم(3)، وخاصة تاريخهم العلمي. فأطروحة هذا الكتاب تتمحور حول قضية مفادها أن عدم تبني العرب للبعد التاريخي في مجال العلم والتكنولوجيا، بن يزيد العالم العربي إلا ابتعادا عن تاريخه، أي عن "مشروعه النهضوي". لهذا نعتقد أن هذا المؤلف سيدفع المفكرين العرب إلى تبني استراتيجية نقدية، تعيد النظر -اعتمادا على التاريخ- فيما تم القيام به بهدف التفكير في وضعنا الراهن من جديد، فالهوة بين المجتمعات الحديثة والمجتمعات العربية مازالت تتسع، وأن تقليصها لن يتم إلا بإعادة التفكير فيما لم يتم التفكير فيه بعد، أي التفكير في قدراتنا والإمكانيات المنفتحة أمامنا والتي لم نستطع أن نلجها، إما لقصور في تفكيرنا النقدي، وإما لعدم وضوح أهدافنا.
II
تكمن أهمية كتاب الأستاذ سالم يفوت في الرغبة في التفكير، ومن ثمة في تحليل وتفسير "أجل" مفارقة أصبح يعيشها العالم العربي. ذلك أن التغيرات التي لحقت المجتمعات المعاصرة، جعلت من المعرفة العلمية والمعلوماتية أهم من العناصر التي بنيت عليها النماذج الكلاسيكية للتنمية والتي تتشكل من رأس المال، والمواد الخام، والقوى العاملة، ومضمون المفارقة يكمن في كون المجتمع العربي، في الوقت الذي أصبح فيه مضطرا إلى الانخراط في الثورة الإعلامية التكنولوجية (ص98)، لم يحقق نموذج التنمية الكلاسيكية من هنا "صرخة" الأستاذ سالم يفوت التي نشعر بها ثاوية وراء تحليلاته وانتقاداته في هذا الكتاب. فعندما يتأمل ما قام به المفكرون والمؤرخون، لا يجد أن ما تحقق على مستوى التفكير في العلم وقضاياه أدى إلى وجود تراكم فعلي يسمح لنا بأن نتحدث عن إقلاع "حقيقي" للفكر والمجتمع العربيين لهذا نلاحظ أن الطابع الغالب على صفحات الكتاب، طابع إشكالي، يتساءل، ويؤزم أكثر مما يمجد، لأن هدف الكتاب هو تحليل، وبيان، وتفسير "أصل" العوائق التي حالت دون الجديد أن يبرز، والتقليدي أن يتحول فالسؤال الذي يوجه الكتاب لا يدور حول دور العلم والتكنولوجيا في تجديد المجتمع العربي، ومن هنا فهو ليس بكتاب يقدم "مشروعا جديدا" لتحقيق النهضة المأمولة، كما أنه كذلك لا ينشغل بأن يكون محاولة إيجابية ضد محاولات سلبية، فهو لا يفكر انطلاقا من الجدل الهيجلي، بل إن السؤال الذي يخترق الكتاب يدور حول إبراز وبيان "مأزق العلم والتكنولوجيا في الوطن العربي" بغية "تحويل مسألة التجديد إلى قضية أو مشكلة، من خلال إبراز ما لا يكون تجديدا أو ما يراد له أن يكون كذلك بينما هو في حقيقة أمره تقليد معاق، يقمع التجديد الذي هو رأس كل عملية حضارية" (ص99). لهذا فنحن أمام كتاب يود أن يفكر في "العوائق" و"الحدود" و"الانفصالات"، ذلك أن مهمة المفكر كما يحددها ميشال فوكو هي الكشف عن "حدود حركات التطور، ونقطة انعراج منحنى من المنحنيات، وانعكاس حركة منتظمة وأطراف اهتزاز من الاهتزازات وعتبة حركة من الحركات"(4).
سنقف أولا مع الأستاذ سالم يفوت عند أوجه العوائق التي تحول ضد تصور المفكرين العرب لمسألة العلم والتقنية من أن يكون تصورا ناجعا، وفعالا؛ ثم في لحظة ثانية سنقف عند الانتقادات التي يوجهها لمؤرخي العلم؛ وفي لحظة ثالثة الوقوف عند المرجعية التي ينطلق منها الأستاذ سالم يفوت، والتي بفضلها ينتقد ويقدم تصورا معينا لمسألة تاريخ العلم ودوره في المجتمع العربي؛ وأخيرا تقديم ما توصل إليه عند تاريخه لعلم الفلك "بالغرب الإسلامي".
III
يلاحظ الأستاذ سالم يفوت أن هناك إهمالا للعلم وتاريخه في الفكر العربي المعاصر؛ فالذين كتبوا في هذا الموضوع -وهم قلائل- لم يكتبوا تاريخا فعليا، إذ يغلب على تاريخهم الحنين والتمجيد والتعظيم لماضينا العلمي. والقراءات الجديدة للتراث، هي أيضا لم تهتم بجدية بالعلم العربي وتاريخه، فلقد أقصته من اهتماماتها التراثية، فهو يقول: "بل حتى الذين يكتبون عن "التراث" من زاوية قراءته وإعادة قراءته، أو بوصفه عامل تأهيل للنهضة والتجديد يسقطون في مواقف تحذف من التراث جانب العلم، أي ما هو أشد ارتباطا والتصاقا بالتاريخ الثقافي العالمي، فلا يرد له ذكر، بينما يحتل الفقه والفلسفة والكلام والشعر وغيرها مكان الصدارة (ص76) لماذا، إذن، هذا الإهمال للعلم العربي وتاريخه في الفكر العربي المعاصر؟
يرجع هذا الإهمال، حسب سالم يفوت، إلى طبيعة التصور الذي تحكم في النخبة المفكرة في الفكر العربي المعاصر، والذي أنتج عوائقه الداخلية. أولى هذه العوائق هو الاعتقاد أن العلم إنتاج غربي خالص. هذا الأمر هو ما أدى بالمفكر السلفي إلى اتخاذ موقف حذر من العلم والتقنية، لاعتقاده أن استيراد هذه البضاعة "الدخيلة" القادمة من الغرب "المسيحي" لن يترتب عنه إلا ضياع الهوية الإسلامية، والدفع بالثقافة العربية الإسلامية إلى الغربة؛ وحتى يتقي السلفي شر هذه البضاعة التي يتعامل معها يوميا، بفعل سيطرة التقنية، يعمل -كما يلاحظ الأستاذ سالم يفوت- على إرجاع الاكتشافات العلمية إلى العلماء العرب، وجعل الماضي خزانا للحقائق، هذا ما يجعل أن السلفي يلتقي مع المستشرق في "تنحية العلم العربي من تاريخ العلم" (ص76). والنتيجة التي تترتب عن هذا التصور المعاق هو أن تاريخ العلم العربي لا يعود إلا شرحا وتعليقا تطبعه السطحية في التناول، مما يؤدي إلى أن مجهودات العلماء العرب تصبح هامشية، ولا قيمة لها، بالمقارنة مع مجهودات العلماء الغربيين الذين يجدون أصل علمهم في العلم اليوناني.
إضافة إلى ما سبق، فإن عائق الاعتقاد في غربية العلم، ومن ثمة في "يونانيته" جعل المفكرين والمؤرخين العرب المعاصرين الذين جعلوا من قراءة التراث قراءة جديدة للكشف عن آليات العقل العربي، يهملون العلم في "حفرياتهم"، إذ اعتقدوا، كما يفسر ذلك الأستاذ سالم يفوت أن العلم لم يكن له دور أساسي في الحضارة العربية-الإسلامية، بسبب عدم فصل الدين عن الدولة، كما هو الشأن في أوربا. ويقر الأستاذ سالم يفوت أن هذا الموقف الذي يقفه هؤلاء المفكرون المعاصرون، يلتقي، كما هو الشأن بالنسبة للسلفي، بموقف المستشرقين، فالمستشرق المعروف روجي أرنالديز، مثلا، في مقال معروف له، بعنوان "كيف جمد الفكر الفلسفي العربي-الإسلامي؟" يخلص إلى قضية مفادها أن علاقة العلم والفلسفة لم تطرح لدى العرب والمسلمين طرحا فلسفيا وعلميا، "لأن الإرث الثقافي الفلسفي والعلمي، الذي ازدهر لديهم وافد من اليونان، ولم ينشأ على أيديهم، لذا لم يعانوا مشكله معاناة حقيقية فظلوا ينظرون إلى العلوم كصناعات لا كمعارف" (ص78). يظهر أن القراءات التي تستند إلى التحليل الابستمولوجي "المؤكد على الطابع البنيوي" (ص79) تسقط في تعميمات وأحكام "ايديولوجية" مما يجعلها لا تتمكن من إدراك "تاريخ العلم العربي ومنزلته الحقيقية من العلم العالمي" (ص78).
أما العائق الثاني فيتعلق في الاعتقاد في "صنمية" العلم والتكنولوجيا. فهناك تصور وضعاني ثاوي وراء موقف المفكرين العرب من العلم. فالتصور الوضعاني لا يذخر جهدا من أجل إعلاء دور العلم والتقنية، ببيان أهمية النتائج التي أحرز عليها الغرب بفضل الاهتمام بالعلم من هنا يقر الوضعاني أنه لا مفر للمجتمع العربي من استيراد العلم، لأن التنمية هي "جملة من الخصائص الاقتصادية والاجتماعية المنقولة من الدول المتقدمة". هذا ما يجعل أن التصور الوضعاني المنبهر بالعلم والتقنية الغربيين، لا يرى في العلم إلا سلعة يجب استيرادها، لأن مفهوم التخلف في هذا التصور الوضعاني، هو تأخر تاريخي عن الدول المتقدمة، وأن التنمية هي "استعارة المسالك المتبعة من قبل المتقدم، أو باختصار، استيراد التقدم" (ص96) فهناك جنوح، كما يرى الأستاذ سالم يفوت، إلى "مهدوية" تجعل المجتمع العربي ينتظر لحظة الانعتاق والخروج من التخلف إلى التقدم. ما ترتب عن هذا التصور هو أن العلم أصبح إنتاجا لا تاريخ له، منفصل عن الزمان والمكان، وبالتالي تحول إلى مادة "إخبارية أو معلوماتية قائمة بذاتها" (ص83) لهذا نفهم لماذا لم يتمكن المجتمع العربي، بعد، من توطين العلم، ولماذا بقي عطاؤه العلمي ضئيلا رغم جلبه للأجهزة والمعدات المتطورة من الغرب. إن التصور الوضعاني لا يفكر في العلم إلا "كنتائج"، وبالتالي لا يهتم بالتفكير في "كيفية" و"أسلوب" (ص84) تقبل العلم.
يظهر من ما سبق أن التصورات التي يصدر عنها المفكرون العرب، تصورات معاقة، وذلك يجد أصله في الفرضيات التي يعتمدونها، سواء تم النظر إلى العلم كبضاعة غربية، أو كسلعة تستورد، أو كمعرفة لم يكن لها أي دور في تشكيل العقل العربي. فالسلفي والتقنوي، وقارئ التراث لم ينظروا إلى العلم والتقنية كإنتاج تاريخي مرتبط بحاجيات المجتمعات ومتطلباته، لأن العلم ليس مجموعة من المعارف أو النتائج التي نقبلها ونعمل على نقلها أو نرفضها ونعمل على إقصائها، بل هو "مجهود توطين ينبع من حاجة المجتمع نفسه، فهو روح ومنهج، أي معايير وقيم وتفاعل" (ص79)؛ وبالتالي فإن الإبداع في مجال العلم، لا يعني إبداع شيء جديد لم يكن موجودا، بل يعني القدرة على الاستثمار، والاستغلال، وذلك في علاقة وثيقة "بحاجة ذاتية، وبرغبة في التغيير الفعلي للمجتمع، وفي تلاؤم مع ظروفنا الموضوعية، ووفق نمو تاريخي نملك نحن زمام التحكم في عجلته" (ص72). إن فهم الإبداع بهذا الشكل هو ما يطلق عليه الأستاذ سالم يفوت "بالعقلنة"، أي عقلنة علاقتنا بالعلم والتكنولوجيا أولا، بحيث لا تكون علاقتنا بالعلم والتكنولوجيا علاقة استهلاك، ولكن علاقة حضارية تجعل العلم مندمجا في الصيرورة التاريخية المشكلة لهويتنا؛ ثم ثانيا عقلنة الحياة الاجتماعية والسياسية، من خلال تحويل المجتمع من مجتمع تقليدي إلى مجتمع مدني، وثالثا عقلنة الثقافة، ببلورة "مشروع نهضة جديدة تخلص الذهن العربي من رواسب عصر الانحطاط" (ص72).
IV
ففي وضع تم فيه إقصاء العلم إما كشيء غربي، وإما كسلعة، فإن المفكرين العرب الذين اهتموا بالتأريخ للعلم، لم ينتجوا تاريخا يستند إلى الوقائع الفعلية، ولم يتخذوا من الأحداث التي وقعت فعلا مادة لهم، وذلك راجع، حسب الأستاذ سالم يفوت إلى كون مؤرخي العلم تعاملوا مع ماضي "العلم العربي" بتمجيد وحنينية، فرفعوا من مكانة الزاهر الذي وصل فيه العلم إلى الكمال، في مقابل الحاضر "المدنس" (ص10)، مفترضين أن رجوع "العلم العربي" إلى كماله لن يتم إلا عندما يقلد الخلف السلف هذا ما يفسر أن اهتمامات هذا الصنف من المؤرخين تتجه نحو حصاد مزايا التراث العلمي القديم، والتركيز على نقط السبق التي جعلت العرب يتميزون بها عن الثقافات الأخرى. والميزة التي تثير اهتمام مؤرخينا هي مسألة "المنهج العلمي التجريبي"، بهدف التأكيد على السبق الذي أحرزه العلماء العرب، فأعمالهم تتوفر على "الاستقراء والتجربة والملاحظة" (ص11)، وهذا هو ما يجعلها أعمالا تجتمع فيها كل مواصفات العلم الحديث، لكن الأمر لا يعدو أن يكون، كما يلاحظ ذلك الأستاذ سالم يفوت إلا "قفزا فرق العصور وإلغاءا للتاريخ الفعلي" (ص11).
وتظهر علامات الإلغاء الفعلي للتاريخ في كون مؤرخي العلم العربي يركزون اهتمامهم في تأريخهم على الفهم، مما يسهل عملية التمجيد والزهو بإنجازات الماضي. لهذا فالأسلوب الذي يطغى على هذه المؤلفات هو الأسلوب الإنشائي "القائم على التمجيد والإطراء وامتداح الأشخاص بوصفهم "نوابغ" و"عبقريات" قادمة من الضباب وتعلو على التاريخ" (ص13).
من ما سبق يلاحظ الأستاذ سالم يفوت أن المؤرخين العرب يكاد عملهم يخلو من "الأسئلة القلقة التي رافقت الثورة المتعلقة بالمناهج التاريخية في مجال دراسة العلوم" (ص8)، مما يعني أن مؤرخي العلم لا يفكرون انطلاقا من موقف ابستمولوجي راهن، وبالتالي لا يعتمدون على ما استجد في تاريخ العلم.
إن خلو الأعمال التاريخية العربية من الأسئلة القلقة للعلم، أدت بمؤرخي العلم إلى أن يقعوا ضحية تصور خاطئ لعلاقة الماضي بالحاضر؛ فهم يسقطون هموم الحاضر على الماضي؛ ويفسرون ويؤولون الماضي انطلاقا من مشاغل راهنة، مما يفقد المؤرخ النظرة "الموضوعية". ذلك أن الاهتمام بالماضي بالنسبة إليهم، هو محاولة لمعرفة الشخصية العربية، بهدف مساعدة الإنسان العربي على أن يتبين طريقه "في هذا التيه الواسع العظيم" (ص9) إذ يتم توظيف المنجزات العلمية التي قام بها العرب في الماضي للرفع من الوعي القومي، والوحدة القومية لمواجهة التحديات القادمة من الغرب.
ما يترتب عن هذا المنظور، حسب سالم يفوت، هو تحويل تاريخ العلم إلى تاريخ للعبرة والموعظة "واستخلاص الدروس من الماضي لأجل الحاضر" (ص10)، وبالتالي تكون أمام درس أخلاقي بدل أن تكون أمام درس ابستمولوجي، وهذا يؤدي إلى أن الحضور الايديولوجي هو الذي يكون طاغيا على المؤلفات التي تنحو هذا المنحى.
ما يترتب عن القضايا السابقة هو أن مؤلفات المؤرخين العرب للعلم هي مؤلفات خالية من الوقائع الفعلية، إذ أن ما يكتبه هؤلاء عبارة عن حكايات "وأخبار وسير متتالية ومتعاقبة معتمدة الإنشاد والسرد" (ص13)، لأن هذا التاريخ لا يهدف إلى كتابة "تاريخ المفاهيم والموضوعات والقضايا المحورية" (ص13).
V
إن الوقوف عند العوائق والتصورات التي تحكمت في رؤية المؤرخين العرب للعلم، دفعت بالأستاذ سالم يفوت إلى بلورة أسلوب جديد لتناول التراث العلمي والمعرفي الإسلامي، ويجتهد هذا الأسلوب في تجاوزه، أولا، "التقريض الذي يكتفي بتقرير الوقائع والتصفيق لها" (ص5)؛ كما يعمل ثانيا على كتابة تاريخ للعلم من منظور "موضوعي" (ص5) والأسلوب الذي يود الأستاذ سالم يفوت بلورته يستند إلى تصور "منظومي بنيوي" (ص79-85)؛ ويمكن أن نجمل أهم عناصر هذا "البعد المنظومي البنيوي" في:
1- اهتمام هذا المنظور بالأشكلة والتساؤل والتأزيم، أكثر من اهتمامه بالحلول والأجوبة فمهمة المؤرخ هي طرح "أسئلة راهنة" بغية إبراز "العوائق" وأشكال الانحباس التي تعرفها الثقافة لهذا فما يهم الأستاذ سالم يفوت هو الوقوف عند "المحاور الأساسية التي تستقطب استقطابا إشكاليا"(5) مجموعة من المواقف والسلوكات، فنحن أمام ما يطلق عليه جيل دولوز بأنطولوجيا السؤال(6)، حيث يكون التركيز على السؤال في علاقته مع الوجود هو الشغل الشاغل الذي يهم المؤرخ، وهذا ما يسمح بالقيام بعمل "جنبالوجي" يبين أصول الأسئلة التي تهم الحاضر والبعد الذي يكفي على هذا الاتجاه هو البعد النقدي من "فحص" و"تقويم" بهدف إجلاء التصورات العفوية وتفكيكها وبيان الفراغات التي تخترقها.(89).
2- الاهتمام بالعلاقات التي تنشأ وتتشكل من عناصر مختلفة ومتباينة والتي تعطي لهذا الأسلوب طابع البعد المنظومي. وتكمن أهمية هذا البعد في كونه يخلصنا من النظرة التطورية للتاريخ، التي تستند إلى الاعتقاد في صيرورة ذات اتجاه وعناصر واحدة مطابقة ومشابهة لأصلها. فالتفكير في العلم وقضاياه، من الوجهة "المنظومية"، يعني الوقوف عند تفاعل العلم مع بيئته ومحيطه، وإبراز الوظائف والأدوار التي يقوم بها، والتي تجعله عنصرا أصيلا من حاجيات المجتمع ومتطلباته، فـ"دور العلوم في النهوض بالمجتمع لا يقل أهمية عن دور المجتمع في تطوير العلوم والتقنيات" (ص85). هذا ما يؤكد -حسب سالم يفوت- أنه لا يجب الفصل بين النظرية والممارسة ولكن الاعتماد على "إرادة واحدة" (ص90) تلم أشتات الأبحاث العلمية والأنشطة التكنولوجية.
3- الاهتمام بالكيفية التي تتعامل بها ثقافة ما مع داخلها، وهي تواجه الخارج بهدف طيه وثنيه. لهذا يكرر الأستاذ سالم يفوت على طول صفحات الكتاب أن "تقدم العرب" و"نهضتهم" رهينة بـ"رؤية ذاتية تبدع نموذجا تنمويا" (ص98). فطي الخارج، وجعله ثنية في الداخل مازالت تمثل عائقا أمام المجتمع العربي، فتقوت بذلك تبعيته لمراكز الغرب المالية والتكنولوجية، بسبب "أخطاء في السياسات العلمية والتنموية" (ص80). وتجد هذه الأخطاء أصولها حسب الأستاذ سالم يفوت في تصورات المفكرين العرب "لماهية" التنمية والعلم والتكنولوجية. لهذا يلاحظ الأستاذ سالم يفوت أن قرار نقل التكنولوجيا، أي طي الخارج إلى الداخل "لابد وأن يكون قرارا ذاتيا نابعا من حاجتنا المحيطية. وهو أمر لا يتعارض مطلقا مع مبدإ الانفتاح على ما هو جديد والتعاون الدولي، لكن يضمن عدم نشوء علاقات تبعية أساسها التقليد والمحاكاة، وليس الابتكار والإبداع" (ص94).
ويطلق الأستاذ سالم يفوت على عملية طي الخارج عندما يتعلق الأمر بالعلم لفظ "التوطين"، ويعني بذلك "غرس تقاليد الخلق والإبداع في نظم ومؤسسات المجتمع" (ص80)، فـ"الثقافة المواكبة للتاريخ هي التي تجعل من نفسها إلى حد ما، صدى للعلم واستجابة له، تفتح لها بابا من خلاله تطل على التاريخ لتركب مركبه.. ولتستوعب قيم التجديد وتبلور حداثة فلسفية وثقافية" (ص95).
4- عدم القفز على التاريخ بالاهتمام بشكل فعلي بما وقع في سياقه التاريخي، والتخلي عن فكرة "وحدة التاريخ ووحدة مراحله وأطواره وتجانس اتجاهاته من الماضي إلى المستقبل"(7) فالحدث التاريخي لا يجد معناه إلا في علاقته مع أحداث أخرى تنتمي إلى نفس السلسلة(8) مما يعني أن التاريخ عبارة عن مجموعة من الأحداث التي تنتمي إلى سلاسل مختلفة، وعلى المؤرخ أن يكون جد يقظ عند بنائه لهذه السلاسل.
يظهر من القضايا السالفة الذكر أن طريقة الأستاذ سالم يفوت التي يقترحها تهدف أولا إلى "بلورة حفريات جديدة للمعرفة العربية الإسلامية" (ص5)، استنادا إلى التوجه الابستمولوجي المعاصر لنظرية تاريخ العلوم، واعتمادا كذلك على الأسئلة القلقة التي بدأ مؤرخو العلم وفلاسفته يطرحونها حاليا؛ وثانيا نقد المنهجية التي سادت تاريخ العلوم والتي ترجع إلى سرد الحكايات والوقائع، والاكتفاء بتجميع وتسجيل الاكتشافات والنظريات والابتكارات المتراكمة(8). وما يجب التأكيد عليه هنا، هو أن "حفريات" الأستاذ سالم يفوت، جعلت تصوره "المنظومي البنيوي" لا يرى في العلم إنتاجا غربيا أو سلعة تستورد، وإنما قيما ثقافية هامة من حيث "هي روح وثابة ومنهج نقدي يستفزا ركوننا التأثيرات بالمسلمات الموجودة والشائعة" (ص94-95).
VI
يظهر منهج الحفريات الذي يقترحه الأستاذ سالم يفوت، عند محاولته التطبيقية وهو يؤرخ لعلم الفلك في المغرب والأندلس، فعملية "الحفر" لا تنطلق من بداية غير محددة، ولا تتجه نحو مستقبل غير معروف، لأن هدفها هو الإجابة عن سؤال راهن وهو: "ما هي مساهمة المفكرين المغاربة والأندلسيين في نشأة العلم الحديث وعلى رأسه علم الفلك؟ (ص5) يهدف هذا السؤال إلى موضعة الأبحاث العلمية العربية في سياق تاريخي، يسمح بإعادة "وعي" العرب العلمي إلى تاريخه، وذلك بربطه بالتاريخ العالمي، لأن العلم كما يؤكد ذلك الأستاذ سالم يفوت "هو أشد ارتباطا والتصاقا بالتاريخ الثقافي العالمي" (ص76).
إن الهم الذي يشغل الأستاذ سالم يفوت والمتمثل في ربط العلم العربي الوسيط -وخاصة الفلكي منه- بما وقع في العصر الحديث، بدون تحيز ولا تشنج ولا حنين، ولكن بنظرة "موضوعية" (ص5) دفعه، في عملية "الحفر" إلى الوقوف أولا عند وضعية علم الفلك في المغرب والأندلس، ثم ثانيا إبراز طبيعة الدور الذي قام به المفكرون المغاربة والأندلسيين "للتمهيد" و"التعجيل" لقيام العلم الحديث، فنحن أمام لحظتين: لحظة الفحص النقدي، ولحظة متابعة نقل علم الفلك، وتهدف اللحظتان إلى تحديد طبيعة المساهمة التي قدمها المفكرون المغاربة والأندلسيين "كممهدن" لكوبيرنيكوس، ولنشأة العلم الحديث. لكن كيف نفهم مسألة "التمهيد"، هل بمعنى التطور الذي يؤدي بالعلم إلى أن يصل إلى كماله؟ أم كانفصالات وقطيعات؟ يقول الأستاذ سالم يفوت: "سوف نسعى من جانبنا إلى إبراز الكيفية الفعلية التي تم بها ذلك "التمهيد" وإظهار حدوده، بإبراز سياقه الحقيقي" (ص43). يتجلى من هذا القول أن المهمة التي أناط بها الأستاذ سالم يفوت نفسه هي إبراز "الحدود" التي جعلت من مساهمة المفكرين المغاربة والأندلسيين مساهمة فعلية للتمهيد لنشأة علم الفلك. لهذا فما يشغل بال الأستاذ سالم يفوت ليس هو التطور والاتصال والاستمرارية، ولكن الحدود والعتبات والقطيعات والانفصالات، وهذا يدل على أن منهجية الأستاذ سالم يفوت الحفرية تنحو منحى يهدف إلى التجديد في كيفية التأريخ لماضينا العلمي.
يلاحظ الأستاذ سالم يفوت أن "التمهيد" الذي قام به المفكرون والعلماء المغاربة والأندلسيون، يبرز في النقد الذي وجهوه للنظرية الفلكية البطليموسية". ذلك أن علم الفلك عرف اتجاهين: اتجاه أرسطي يعد استمرارا لنظرية أدوكسوس، ويركز هذا الاتجاه على البعد الكوسمولوجي من خلال البحث في ماهية السماء والنجوم، وشكل الأجرام وحجمها ونظامها وتحديد العلة أو القوة التي تؤدي إلى إنتاج معلول معين؛ ثم هناك اتجاه بطليموس سليل أبولونيوس وهيبارخوس، ويركز هذا الاتجاه على الجانب الرياضي-الحسابي-الهندسي. وفي إطار الصراع بين الفلك الأرسطي والفلك البطليموس يكمن "الطابع التجديدي النقدي المميز لعلم الفلك لدى بعض الأندلسيين" (ص68).
يظهر مما سبق أن مسألة "التمهيد" أو "التعجيل" التي قام بها المفكرون المغاربة والأندلسيون ترجع إلى محاولة "تصحيح النظام الفلكي البطليموسي، ولإبراز هذا "التصحيح يقف الأستاذ سالم يفوت عند: ابن طفيل وابن باجة، وابن رشد، ونور الدين البطروجي. ويرجع هذا الاختيار إلى كون هؤلاء المفكرين والفلاسفة "بلوروا في الغرب الإسلامي تقليدا فلكيا معاديا لبطليموس ولعلم الفلك التعاليمي الذي لا يولي عناية لكيف الأشياء، بل لمقاديرها وصيغها الحسابية" (ص32).
تهدف نظرية البطروجي إلى تخليص كتاب المجسطي من شوائبه وذلك باقتراح نظرية تعمل على ملائمة علم الفلك للأصول الفيزيائية الأرسطية (ص39)؛ هذا ما يجعل البطروجي يقوم بـ"نقض نظرية بطليموس من أساسها" (ص37) في كتابه الهيئة، بالتالي أحدث زوبعة كبرى في عصره أدت بكثير من المؤلفات الفلكية المعاصرة له أن تسير في ركابه، وأبرز كتاب هو علم الهيئة لإسحاق الإسرائيلي الطليطلي، الذي لقب فيه كتاب البطروجي "بمزعزع نظرية الأفلاك ومخلل علم الفلك" (ص38). ويعتقد البعض أن يوحنا كبلر أخذ تصوره للأفلاك الإهليلجية من كتابات البطروجي، لكن سواء صح هذا الزعم أم لم يصح، فإن كتاب البطروجي كانت له مكانة خاصة في عصره؛ فهو يمثل "أقصى ما أثمرته الحضارة المغربية الأندلسية في مضمار نقد علم الفلك التعاليمي البطليموسي استلهاما من النظرية القائلة بنظام الكرات السماوية المتحدة المركز" (ص39)، وقام ميشال سكوت سنة 1217م بترجمة كتاب البطروجي إلى اللاتينية، حيث كانت هي الترجمة المعتمدة من طرف علماء العصر الوسيط الأوروبيين، ثم ترجم من العبرية اللاتينية سنة 1531م على يد قالونيموس ونشرت ترجمته بالبندقية.
أما بالنسبة لابن رشد، فيؤكد، الأستاذ سالم يفوت، أنه في بدايته العلمية كان مناصرا لصاحب المجسطي، ولعل هذه المناصرة ترجع إلى كون ابن رشد في مرحلة المختصرات، كان يكتفي بما هو ضروري بهدف "إنقاذ الأشياء النفيسة والأمور الضرورية" (ص40). لكن ابن رشد ما لبث أن تراجع عن مناصرة بطليموس وقت شرحه لكتاب في السماء لأرسطو، ويتجه نقد ابن رشد إلى بيان نقائص علم الفلك البطليموسي، وذلك من خلال ربط علم الفلك بالفيزياء الأرسطية، وهذا ما يفسر رفضه لاتجاه أصحاب التعاليم، معتبرا النظرية الفلكية تصويرا للواقع وانعكاسا للعالم كما هو، لهذا فهي ملزمة بأن تستند في مسلماتها إلى مبحث الطبيعة، وليس إلى مبحث التعاليم فقط؛ ومبحث الطبيعة الحقيقي هو "النظرية الأرسطية الطبيعية أسسها العامة مع تعديل.. صورة العالم السماوي، وتخليصها من الزوائد التي أثقلها بها بطليموس" (ص41). لهذا يعترض ابن رشد على فرضية بطليموس القائلة بأن "الأرض لا توجد في الوسط تماما" (ص41). فنحن مع ابن رشد أمام موقف كوسمولوجي يعمل على مطابقة علم الفلك لصورة "العالم السماوي في كليته وطبيعته" (ص42).
ويفرد الأستاذ سالم يفوت فصلا خاصا بابن باجة، نظرا لأن هذا الأخير لم يترك نصوصا كاملة؛ فكل كتبه "نصوص مجزومة الخواتم، وحتى الأوائل أحيانا" (ص51). لكن الأستاذ سالم يفوت يخلص إلى القول أن ابن باجة لا يخرج عن روح النقد التي ميزت علماء الأندلس والمغرب، عند محاولة إصلاح علم الفلك البطليموسي بإرجاع الظواهر الفلكية إلى الفيزياء الأرسطية. مما يعني أن ابن باجة يناصر التيار الكوسمولوجي الأرسطي "الذي يقيم علم الهيئة على أسس طبيعية تلتزم مبادئ الحركة الأرسطية" (ص4).
تظهر القضايا السابقة أن علماء الأندلس والمغرب، اعتمدوا النقد والتصحيح، وهذا ما جعلهم ممهدين فعليين لكوبيرنيكوس ولنشأة العلم الحديث، فشروح ابن رشد على السماع الطبيعي والسماء والعالم التي ترجمها إلى اللاتينية ميشال سكوت، والتي عرفت انتشارا واسعا في أوساط العلماء الأوروبيين، نبهت العلماء إلى ضرورة إعادة النظر في علم الفلك، وتجاوز عيوبه، بل أكثر من هذا طرحت "ضرورة الفصل بين الاعتبارات اللاهوتية والاعتبارات الطبيعية، والتمييز بين الدين والفلسفة، بما في ذلك الفلسفة الطبيعية" (ص43) هذا ما جعل انتقادات ابن رشد والبطروجي الفلكية محط اهتمام من طرف الدوائر العلمية الجامعية، وخاصة جامعة "كراكوفيا" ببلونيا موطن كوبرنكوس في القرن الخامس عشر. ويتمثل الانتشار الواسع للأفكار التي قدمها فلاسفة وعلماء المغرب والأندلس، في كون أستاذ كوبرنيكوس الذي درس على يده شرح السماء والعالم كان على "دراية جيدة.. بأفكار ابن رشد والبطروجي في نظريته في الاندفاع أو القوة الدافعة والتي كانت رائجة كذلك في "كراكوفيا" وكان يتولى تدريسها وشرحها سنة 1493 ميشال البريسلوي" (ص43).
ولقد انتقلت أفكار المفكرين الأندلسيين والمغاربية عن طريق "جزيرة صقلية"، التي يعتبرها الأستاذ سالم يفوت همزة وصل بين الحضارة العربية-الإسلامية والحضارية الغربية. فهذه الجزيرة بفضل التعدد اللغوي الذي عرفته والانفتاح الثقافي الذي ميزها كانت نقطة تحول أدى إلى دخول أفكار المفكرين المغاربة والأندلسيين إلى الغرب، وخاصة كتب ابن رشد التي ترجمت بإيعاز من الملك فريدريك الثاني (1194-1254م)، و"بانتقال أفكار ابن رشد والبطروجي الفلكية إلى صقلية دخلت أوربا اللاتينية عهدا جديدا اتسم ببداية مراجعة للأفكار البطليموسية القديمة" (ص63).
VII
يظهر من الفقرات السابقة أننا أمام محاولة جادة؛ وتكمن هذه الجدة ي كون الأستاذ سالم يفوت يجمع بين لحظة التنظير، ولحظة التطبيق، مما يدل على أن هذا الجمع، هو أساس كل ممارسة معرفية، تتوخى أن تكون ممارسة "فعلية"، أي تاريخية. ولعل ما يشتكي منه الفكر العربي المعاصر -والجانب الفلسفي منه- هو عدم وجود هذه الممارسة "الفعلية" بسبب الاعتقاد بأن دور "المثقف" هو قول الحقيقة، بالتأكيد على ما "يجب" قوله فعلى خلاف هذا، نحن مع الأستاذ سالم يفوت، أمام ممارسة تنتج الحقيقة من الممارسة المعرفية نفسها. ذلك أن المعرفة كما يؤكد ميشال فوكو ليست أداة محايدة نتوصل بواسطتها إلى "أفكار" مجهولة، بل على العكس من ذلك أنها الممارسة نفسها.
الهوامش
(1) قسطنطين زريق: نحن والتاريخ دار العلم للملايين، بيروت ط.4، 1979.
(2) سالم يفوت: نحن والعلم: دراسات في تاريخ علم الفلك بالغرب الإسلامي دار الطليعة، بيروت ط الأولى 1995 أرقام الصفحات الواردة في العرض تشير إلى هذا الكتاب.
(3) إعادة سالم يفوت طرح هذه المسألة من جديد في مقال حديث مخصص لمسألة العولمة، فهو يقول: "والسؤال هو" هل يشكل التاريخ خطرا محدقا بهويتنا وهل يتهددها؟ أو بعبارة أكثر تخصيا، تناسب هذا المقام هل تشكل العولمة خطرا محدقا بهويتنا ويتهددها؟
تأتي مشروعية طرح هذا السؤال من اقتناعنا بأن التمسك بالهوية يشتد بفعل هول التحولات والمنعطفات وكأنه نوع من الانتقام من قساوات التاريخ، أفلا تكون العولمة، من وجهة النظر هذه، "قساوة" من قساوات هذا الأخير؟ أفلا يكون طرح سؤال الهوية من جديد موقفا نكوصيا؟
هل العولمة قساوة من قساوات التاريخ. سالم يفوت: هويتنا الثقافية والعولمة: نحو تناول نقدي في مجلة فكر ونقد السنة الثانية العدد 11، سبتمبر 1998 ص35.
(4) ميشال فوكو: حفريات المعرفة، ترجمة سالم يفوت، المركز الثقافي العربي الطبعة الأولى 1986 ص10.
(5) سالم يفوت: حفريات الاستشراق: في نقد العقل الاستشراقي، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى 1989، ص7.
(6) Grilles Deleuze: Différence et Répétition, P.U.F 1968, p. 252.
(7) سالم يفوت: حفريات الاستشراق، مرجع سابق، ص7.
(8) عن أهمية السلاسل في عملية التأريخ، انظر: جيل دولوز: المعرفة والسلطة مدخل لقراءة فوكو، ترجمة سالم يفوت، المركز الثقافي العربي، ط1، 1987، ص26.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق