احدث المواضيع

الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

نص:لاتكمن هوية الشخص في أي جوهر، مادي او لامادي، وإنما تكمن في الوعي!!

إشكال النص: ما الذي يمنح للكائن البشري هويته كشخص ؟ وماذا يترتب عن هذه الهوية؟‏

النص:

ما يوحد داخل نفس الشخص أشكالا من الوجود متباعدة في الزمن، هو الوعي وليس وحدة الجوهر. فمهما كان هذا الجوهر، ومهما كانت بنيته (طبيعته) فلاوجود للشخص بدون الوعي ، وإلا فالجثة أو أية كينونة أخرى بدون وعي هي أيضا شخص بدورها
دعونا نتصور الحالتين التاليتين: الأولى حالة وعيين متمايزين دون تواصل بينهما، يحركان نفس الجسم، أحدهما يحرك الجسم نهارا والآخر ليلا؛ والحالة الثانية بعكسها أي حالة نفس الوعي يحرك جسمين مختلفين بالتناوب في أوقات متباعدة. إني لأتساءل، في الحالة الأولى، أليس الكائن الذي يدب نهارا وذاك الذي يحيا ليلا، أليسا شخصين مختلفين اختلاف سقراط عن أفلاطون؟؛ وفي الحالة الثانية، ألن نكون إزاء نفس الشخص وهو يحل في جسمين مختلفين، مثله في ذلك كمثل الرجل الذي يظل هو نفسه رغم أنه يرتدي كل مرة ملابس مختلفة
ولافائدة من الاحتجاج في الحالتين السابقين بأن هذه الأوعاء (جمع وعي) وعي واحد أو أنها مختلفة تبعا لاختلاف أو تطابق الجوهر اللامادي الذي يحمل معه الوعي عند حلوله بالجسد: وبغض النظر عن صحة أو بطلان هذه الاحتجاجات، فمن البديهي أن هوية الشخص، لاتتحدد بغير الوعي في كلتا الحالتين، سواء اقترن هذا الوعي بجوهر لامادي فردي أم لا.
وحتى لو قبلنا الرأي القائل أن الجوهر المفكر للإنسان من طبيعة لامادية بالضرورة ، فإنه يظل بديهيا مع ذلك أن هذا الشيء المفكر اللامادي يمكن أن ينفك عن وعيه الماضي (ذكرياته)أو أن يستعيده بعد ضياع ؛ والشاهد على ذلك تذكر الإنسان أحيانا لحالات شعورية ماضية طواها النسيان تماما طيلة عشرين عاما، فلنفترض أن فقدان الذاكرة على هذا النحو يتم بشكل دائم ومنتظم بحيث نفقد في النهار ذكريات الليل، ونفقد عند حلول الظلام ذكريات النهار، سنكون هنا إزاء شخصين مختلفين رغم أن لهما نفس الروح اللامادي، مثلما أننا سنحصل ، في الحالة الأولى [الواردة في بداية النص]، على شخصين مختلفين حالّيْن في جسد واحد. وعليه فالإنية لاتكمن في وحدة جوهر فرد أو جواهر متعددة بقدر ما تكمن في وحدة الوعي
دراسات في الفهم الإنساني الكتاب الثاني ، الفصل 27 الفقرة 23
المصدر: John Locke, An Essay Concerning Human Understanding, Book II, chapter 27 : Of Identity and Diversity

هناك تعليق واحد: