احدث المواضيع

الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

التربية كإقصاء للعنف (مقاربة نظرية)

تصديــر

من المؤكد، أن أية عملية تتعلق بدمج الإنسان في محيط سوسيوثقافي، سيرورة تعتمد على تربية متواصلة تستمر من الولادة حتى الموت. فالمجتمع ليس جوهرا ثابتا، ومتميزا في الزمان والمكان، وإنما يفترض فيه أن يكون نسقا منفتحا على غيره من المجتمعات. وهكذا، لا يمكن الحديث كليا عن ثقافة أصيلة إلا بالقدر الذي يحتفظ به المجتمع على خصوصيات تميزه، دون أن يعني ذلك الغياب الكلي لآثار المثاقفة acculturation نظرا لاستحالة وجود مجتمع منعزل، أو مجتمع ستاتيكي. من هذا المنطلق، نستطيع أن ندرك، أن اندماج الأفراد عبارة عن بناء ديناميكي متواصل، تتنوع فيه أشكال البناء تبعا لتغير المجتمع نفسه. ومن ثمة، لا نتحدث، افتراضا، عن اندماج الفرد داخل المجتمع، إلا بحسب التمثيل الكافي للمكونات الثقافية، وبقدرة الفرد على تمثل المسار الذي اختاره المجتمع لنفسه. مع العلم، أنه تمثل قد يختلف باختلاف متغيرات أخرى (كالسن، والمستوى التعليمي، ودرجة المسؤولية في المجتمع ...). هكذا يتبين، أن عملية الدمج داخل المحيط الاجتماعي، تفيد أن الفرد قد عمل على استيعاب نماذج ورموز ذلك المحيط بما فيه الكفاية ؛ فأصبحت تشكل مكونات أساسية من شخصيته، حتى يستطيع التواصل والتفاعل بكل سهولة مع الأفراد والجماعات التي يتألف منها المجتمع(1). بتعبير آخر : إن اندماج الفرد داخل المجتمع، يفترض أن يتولد عنده شعور كبير بالانتماء، وهو شعور كاف للحيلولة دون اللجوء إلى نبذ وإقصاء الآخرين. ويتحدد الهدف من هذه المقاربة، في البحث عن الأساسيات التي يمكن أن تقوم عليها تربية تعليمية، قادرة على توليد الانفتاح على الفكر الديموقراطي، وعلى علاقات مبنية على التعايش والتسامح واحترام مميزات الغير، خصوصا وأن المؤسسة التعليمية (=المدرسة) عادة ما تنمط (بتشديد الميم وفتحها) في إطار تربوي بيداغوجي معرفي بالدرجة الأولى.

1. الأهمية الاستراتيجية للمؤسسة التعليمية

1.1 المدرسة ونشر ثقافة السلم

يؤكد إيف ميشو "أن أخلاق اللاعنف تفترض مسبقا ... إمكانية التوصل إلى تفاهم بين الناس قائم على أساس المناقشة، أو ما ندعوه ... الحوار" (2). إن ذلك يفترض، إذن، التساؤل حول مدى قدرة تربية تشرف عليها الدولة، على نشر ثقافة الحوار والسلم ؟

يمكن التأكيد على أن الأهمية الاستراتيجية، للمؤسسة التعليمية، تظهر خصوصا على مستوى الأهلية التي تتوفر عليها، باعتبارها توجد تحت إشراف الدولة ؛ وذلك ما يفيد، أن بمقدورها(=المؤسسة التعليمية) أن تضطلع بأدوار تربوية وتكوينية، لا تستطيع الأسرة استيفاءها كاملة. لأن الأسرة، لا تملك من الإمكانات المادية، والطاقات الفكرية والبشرية، ما تستطيع الدولة توفيره. علاوة على ذلك، يمكن القول بأن الآباء ليسوا متماثلين ومتكافئين. فهناك من الآباء من يمكن الاعتمـاد عليهم، وهناك –على العكس- بعض من الآباء، يعتبر من المستحسن حماية الأطفـال من الخضوع المطلق لإرادتهم(3). ويمكن أن نتصور ذلك بشكل أوضح، في مجتمع لازالت فيه الأمية مستفحلة، و لازال فيه الإذعان للتفكير الأسطوري والخرافي ولكثير من القيم والتقاليد الرجعية.

إن تعقد الحياة الاجتماعية، وتنوع مستلزماتها، هو ما اضطر المجتمعات المعاصرة إلى تمديد فترة دمج الفرد، وتكثيفها خلال سن المراهقة، على عكس ما كان معمولا به في المجتمعات التقليدية حيث "يعتبر الطفل راشدا" في سن مبكرة. وذلك ما حتم، بشكل قوي، ضرورة المرور من التعليم الثانوي بالنسبة لجميع ساكنة المجتمع(4).

إن هذه التمثلات، وغيرها، قمينة بأن تجعل المجتمعات المعاصرة تعول بشكل كبير على المؤسسات التعليمية من أجل تكريس الشعور بالانتماء للمجتمع ونشر ثقافة السلم وقيم اللاعنف.

2.1 التربية وبث أفكار الديموقراطية والحداثة

لا يجب أن ننسى أن جميع المجتمعات، أصبحت تتطلع إلى الديموقراطية، ومن ثم لا ضير بأن تزود المدرسة التلاميذ ببواكير الفكر الديموقراطي فضلا عن تأهيلهم الفكري والعلمي. بل يمكن القول بأن التأهيل الفكري والعلمي، والتأهيل الديموقراطي وجهان لعملة واحدة. ويكفينا، اللحظة، أن نؤكد أن من الأساسيات التي تقوم عليها الديموقراطية، "تحقيق المساواة وإتاحة المشاركة في العملية السياسية أمام أفراد المجتمع بغض النظر عن الاختلافات العقائدية أو الدينية أو اللغوية أو السلالية ..."(5). لذا يعول على المؤسسة التعليمية، من أجل تربية الناشئة على احترام مبدأ المساواة (على حساب التراتبيات الاجتماعية)، واحترام الغير على أساس مبدأي الحق والواجب.

لابد – إذن- من أن يتأسس التكوين المدرسي على زرع القيم الإيجابية، المتمثلة في المبادرة الحرة والتخلص من أفكار التواكل والخنوع. ونعتقد، أن الأمر يحتم امتلاك قدرة كافية من الاستبصار، للتمييز في تقاليد المجتمع وقيمه، بين ما يجب التخلص منه وما لا يعيق مسيرة النمو والتقدم. فالرهانات الحاضرة والمستقبلية، تحتاج إلى أفراد يتحكمون في مصائرهم. ويتوقف الأمر على المدرسة من أجل ترسيخ ثقافة النقد، وحرية المبادرة والتفكير، لأن البناء الديموقراطي وتحديث المجتمع يشترطان قيام دولة لا "تعيش في ماضيها" وإنما ماضيها هو الذي يعيش فيها(6). ومحاربة النزعة الماضوية لا تعني الاستخفاف كليا بالتراث، خصوصا وأن اليابان يقدم النموذج الحي للبلد الذي استطاع أن يفعل كثيرا من تقاليده، ويجعلها لا تعيق مسيرته التنموية.

منطلقنا – إذن - ينبني على الاعتقاد بأن التنمية والديموقراطية عنصران متلازمان، كلاهما يتحصن بالآخر. وتداعيات الأفكار، تدفع إلى طرح السؤال التالي : ما هي منطلقات بناء إنسان منفتح على قيم الديموقراطية والتسامح ؟ وكجواب أولي على ذلك، ننطلق من تصور تقليدي، يعتبر المؤسسة التعليمية من المؤسسات المسؤولة عن الإنماء الكامل لشخصية الإنسان، لنؤكد مع جان بياجي J. Piaget أن الإنماء الكامل لشخصية الطفل، لا يكمن فقط في إيجاد مقعد للدراسة، وإنما يكمن، كـذلك، في "الحق في أن يجد المرء داخل (...) المدرسة كل مـا هو ضروري لبنـاء عقل فعال وضمير أخلاقي حي"(7).

2. الأهمية الوظيفية لبناء عقل منفتح

1.2 الاحتكام إلى العقل مؤشر على التنمية والانفتاح

إن أهمية بناء العقل وتأثيثه بالعلم وتسليحه بالمنطق، يقود إلى تكوين أفراد مستقلين، يؤسسون تمثلاتهم على العقل، ويقيسون صحتها بالنتائج، وبالتالي أفراد منفتحين على الخلق والإبداع والابتكار. يمتازون بقوة الإرادة وبحرية المبادرة، لا يدينون بالولاء للأفكار إلا بالقدر الذي تكرس بناء المجتمع الديموقراطي ولا تعيق مسيرة التنمية.

إن أهمية بناء العقل وتأثيثه بالعلم وتسليحه بالمنطق، يقود إلى تكوين أفراد مستقلين، يؤسسون تمثلاتهم على العقل، ويقيسون صحتها بالنتائج، وبالتالي أفراد منفتحين على الخلق والإبداع والابتكار. يمتازون بقوة الإرادة وبحرية المبادرة، لا يدينون بالولاء للأفكار إلا بالقدر الذي تكرس بناء المجتمع الديموقراطي ولا تعيق مسيرة التنمية.

بناء على ما تقدم، نستطيع القول بأن التربية مضطرة إلى أن تكون في مستوى تطلعات المجتمع، وتواكب التحديات التي يفرضها العصر. فقد أصبحت المؤسسة التعليمية مضطرة إلى اعتماد تربية نشطة، يبني فيها المتعلم التجارب بنفسه، ويعيد بناء الأفكار واكتشافها. لأن كل ما يأخذه التلميذ بضغوط خارجية، ولا يعيد إنتاجه بنفسه، هو مجرد ترويض لا يمكن أن يكون له أي دور تكويني فعال ومؤثر(10).

2.2 الانفتاح على تكنولوجيا المعلومات والاتصال بناء للعقل

يمكن القول، إذن، أنه يتوقع من التربية أن تعمل على إنشاء مواطنين أكفاء، وبالتالي "مواطنين قادرين على الفعل وعلى التفكير بكيفية مستقلة حيال التطورات المعاصرة" (11). وعلى هذا الأساس، لا يمكن أن نتصور أي بناء للعقل دون الانفتاح على تكنولوجيا المعلومات والاتصال، لما لها من دور تنويري، ونظرا لقدراتها على توليد عقلية منفتحة رافضة لكل تمثل دوغمائي.

إن هذه التكنولوجيا، قادرة على تمكين المتعلم من الاستقلال الفكري، وتنمية قدراته ومهاراته وكفاياته compétences الفردية. فاتخاذه هذه التكنولوجيات الحديثة، كوسائل ديداكتيكية، دعم لاستقلال الشخصية، نظرا لما تتيحه من إمكانيات التعلم الذاتي، ومن تكييف للتعلم وفق القدرات الذاتية، ومن فرص الإبداع والخلق والابتكار. وهذا ما يساعد المدرس نفسه من تنويع الدرس وإعطاء الفرصة للتلاميذ ليأخذوا نفس المعلومات بطرق مختلفة وبوتيرة متغايرة(12).كما تساعد المدرس على التخلص من الوضع السلطوي الذي تحتمه عليه التربية التقليدية التي تضطره إلى القيام بدور الملقن، أو "الإنسان الراشد المالك للحقيقة". وبحضور هذه التكنولوجيات، أصبح التلميذ غير مضطر كلية إلى التذلل إلى المدرس أو قيام العلاقات على التواكل والتبعية والخضوع للغير.

إن هذه التقنيات قمينة بأن تحول العلاقة مدرس-تلميذ إلى روابط ديموقراطية مبنية على أسس عقلية، فيصبح المدرس مجرد مرشد للتلميذ، ودليله إلى مكامن وجود المعرفة. بل إن وجود التقنيات كوسيط بين الفرد والمعلومة information، ستضطر المدرس والتلميذ في كثير من الأحيان إلى تبادل الأدوار : أولا، نظرا لغزارة المعلومات الموجودة على شبكات الاتصال ؛ وثانيا، لأن لا أحد منهما (=المدرس والتلميذ) يستطيع أن يدعي التمكن المطلق من استعمال التكنولوجيات الحديثة.

فقد أصبحت التربية مضطرة إلى الانفتاح على توظيف تكنولوجيات المعلومات والاتصال، ليس فقط لأن ذلك حتمية تاريخية، وإنما لما توفره من قدرات على التأهيل الفكري والعلمي للإنسان، ولما تقدمه من فرص التعلم المشترك، والمتبادل، أي من فرص الانفتاح على الغير. كما أن أهمية الانفتاح على تكنولوجيا المعلومات والاتصال يمكن أن يتجلى على المدى القريب على المستوى التربوي، وعلى المدى المتوسط والبعيد على المستوى التنموي، لأنه لا يمكن أن نتمثل انتشار عقلية تنموية وحداثية، دون الاعتماد على هذه التقنيات في تأهيل القوى المنتجة والرفع من أدائها(13). ويمكن إيجاز بعض من أسباب ذلك فيما يلي(14) :

  • لقد أصبحت هذه التكنولوجيا تحتل مكانة متميزة بفضل قدرتها التنظيمية والتداولية للمعرفة.

  • إن هذه التكنولوجيا قادرة على تحويل المجتمع، إلى مجتمع علم ومعرفة، وذلك راجع لقدراتها الخارقة في تحويل المعلومة إلى معرفة، علاوة على تمكين الفرد من المعاينة والفحص بطرق أكثر دقة، الشيء الذي يسبغ على المعرفة الإنسانية قيمة إضافية.

  • إن هذه التكنولوجيا توفر من الوثائق الرقمية والمعلومات على الشبكات les réseaux ما لا يتيح إمكانية الاشتراك فيها (بين عدد كبير من الأفراد) فحسب، لأنها تتيح، أيضا، إمكانية تطوير القدرات الكامنة للذكاء المشترك بين المجموعات البشرية.

4. التربية الخلقية وتقعيد قيمة الاحترام

1.4 أساسيات التربية الخلقية وأهدافها

تنص الفقرة الثانية من المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أنه "يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملا، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العرقية أو الدينية ...". إن هذا التنصيص، يذكرنا بالمواقف التأملية لإيمانويل كانط. فهذا الفيلسوف حرص دائما على تأسيس العلاقات بين الناس على أساس "الواجب الأخلاقي"، وهو واجب يدفع إلى احترام الغير انطلاقا من منطلق الإنسانية التي يكتشفها كل فرد في ذاته. وهذا منطلق يفرض، مبدئيا، التعامل مع الآخر على أساس قاعدتي المماثلة والمساواة. لأن واجب الفرد نحو ذاته يتلخص في احترام الإنسانية في كينونته، وواجب الفرد تجاه الغير يتمثل في حب الإنسانية واحترام حقوق الآخرين. وما ينتج عن ذلك، هو ضرورة تتلخص في السعي إلى بناء العلاقات مع الغير على أساس السلام(15). إلا أن السؤال المطروح يظل هو : كيف يمكن للبناء الأخلاقي للإنسان أن يخرج من دائرة التأملات الفلسفية، ومن إطار مخاطبة النوايا ؟ حتى لا ينحصر الأمر فقط في مجرد المناشدة والهدف البعيد المنال.

إن بناء استراتيجية تربوية في المجال الأخلاقي لا تستوجب تسطير الأهداف، بل تحتم العمل على أجرأتها. ومن بين الأهداف التي يمكن الاسترشاد بها على المستوى الإجرائي(16) السعي إلى تطوير العلاقات الإنسانية نحو التعايش والتسامح والانفتاح على الغير، وبالتالي تنفيذ ما يلي :

- العمل على أن تكتسي التربية أبعادا كونية.
- العمل على امتلاك قدرات التواصل مع الغير.
- العمل على الانفتاح على أشكال متنوعة من الثقافات (محلية، جهوية، [...] وعالمية) الأمر الذي يساعد على تفهم مثل وقيم الآخرين واحترام خصوصياتهم.
-العمل على وعي الأفراد بحقوقهم وواجباتهم الفردية والجماعية، فضلا على وعيهم بحقوقهم وواجباتهم تجاه بعضهم البعض.
- العمل على الخروج من دائرة التواكل، والسلبية، وبالتالي امتلاك الرغبة للمساهمة في حل المشاكل، سواء أكانت محلية، وطنية أو عالمية.

يمكن أن نستخلص، مما تقدم، أن من أهم الوظائف الأساسية للمدرسة، أن يكون التكوين الذي توفره قادرا على المساهمة الفعلية في حل المشاكل المحلية والوطنية والدولية، وذلك من خلال تربية الأفراد على قيم المبادرة. ومنطلق هذا التكوين يتمثل في تعريف الناشئة، بالوظائف والكيفية التي تشتغل بها المؤسسات العمومية، المحلية منها والوطنية والعالمية، وبالوظائف التي تقوم بها(17).

كما أن على المؤسسة التعليمية، أن تسعى - بشكل واضح - إلى العمل على ترسيخ ثقافة السلام، وذلك من خلال شجب الحروب، ونبذ اللجوء إلى استعمال القمع، والعنف والقوة (...) وبالتالي الدفع بالأفراد إلى تمثل وظائفهم، وتمثل أدوارهم المتجلية في العمل على الحفاظ على السلم واستتباب السلام. الأمر الذي يؤهل كل فرد ليكون سدا منيعا ضد الأيديولوجيات التي تبث الكراهية والعنصرية وتنشر ثقافة التهميش والإقصاء...(18).

يلاحظ، إذن، وجود علاقة تفاعل جدلي بين مطالب التكوين التربوي للأفراد على المستوى الوطني، ومتطلبات التربية المعاصرة، التي تضع تنشئة أفراد صالحين وطنيا وتنشئة أفراد صالحين عالميا في طرفي معادلة. وذلك ما يؤكد على أن البعد الوظيفي للتربية يتمثل في خلق إنسان يتربى على ثقافة الانفتاح والحوار ونبذ أشكال العنف والإقصاء. ولكي يفي الفعل التربوي بهذا الغرض لابد أن يكون مواكبا لمراحل نمو الفرد، وبالتالي مراحل تشكل شخصيته. لأن الغاية المثلى تتجلى في أن يصير كل فرد أحد الفاعلين في نشر تلك الثقافة، والعمل على تجديد تلك القيم(19).

2.4 أهمية تقعيد قيمة الاحترام

إن مبدأ احترام الغير، يعتبر من القيم الأخلاقية التي يجب أن ترسخ لدى الناشئة وتتربى عليها ؛ لذا فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف يمكن للتربية أن تعمل على تخليق الفرد على احترام الآخرين ؟ في هذا الأمر، أيضا، يمكن القول بأن وضعية المؤسسة التعليمية أفضل من وضعية الأسرة : فالتربية الأسرية تؤسس غالبا على تربية تراتبية تقوم على عامل السن، لأن الكبار (عموما) هم من يتولون تربية من هم أقل سنا. أما في المؤسسة التعليمية، نجد المتعلم محاطا بأنداد له في السن، يشترك معهم في أنشطة مختلفة(20). لهذا السبب، كثيرا ما نجد التربية الحديثة تحث على استثمار هذا الوضع، وتوظيفه كعامل أساسي في عملية التعليم والتعلم وفي أشكال التكوين المختلفة. وبالمثل، فإننا نعتقد أن ذلك ممكن على مستوى التكوين المعياري الأخلاقي. إن وجود المتعلم مع أتراب له، يحتم عليه، مبدئيا، إنشاء علاقات جيدة مع الآخرين ولم لا توسيع قاعدة الصداقة ؟ ! ويلاحظ أن التلميذ الذي ينجح في إقامة علاقات من الصداقة، هو بالأساس من يحترم زملاءه، ويمتلك نزوعا نسبيا نحو التضحية من أجل الغير. ويبقى على المدرس أن يستثمر هذا الوضع ويدرك أهميته : فعلى المدرس أن يميز بين الاحترام الذي يكنه المتعلم له بوصف راشدا، والاحترام الذي يمكن أن يكنه لأترابه. ومن هنا يجب أن ندرك أن بوسعنا أن نربي الطفل على احترام من هو راشد، إلا أنه سيكون احتراما مفروضا من خارج، وبالتالي احتراما مؤسسا على الخضوع لإرادة الغير(21). إن هذا النوع من الاحترام، غالبا ما يتأسس على ما تحتمه التقاليد وتفرضه العادات، لذا فهو احترام يحد من تلقائية "الشخصية الأخلاقية" ومن طلاقتها، وهو بذلك شبيه بالدرس الذي يستظهره التلميذ، عن ظهر قلب، دون أن يدرك أبعاده أو يستوعب مضامينه(22).

هكذا، نستطيع أن نجزم على أن الاحترام الحقيقي، هو ذلك الاحترام المتبادل الذي ينبعث من الذات ولا يخضع لضغوط خارجية. ومثل هذا الاحترام لا يكون "إلا بين أفراد متساويين بغض النظر عن أي سلطة"(23). وعليه يتوجب على التربية، أن تتأسس على مناهج تربوية تقوم على التنشيط والتفاعل، وإدراك أهمية تذويب الفوارق الطبقية والاجتماعية بين المتعلمين، حتى يتمكن كل تلميذ من احترام خصوصيات زملائه ويكتشف تلقائيا أبعاد الحاجة إلى الغير. على المناهج التربوية- إذن- أن تشجع لدى المتعلمين الحرية، والثـقة في النفس، والعمل على التقليص من عوامل التبعية للغير(24). وتنمي، في مقابل ذلك، فرص التعلم الذاتي والتعلم القائم على التشارك (=التعلم المتبادل) لما في ذلك من تنمية روح التعاون، والتكافل، والتضامن، والتضحية، والغيرية.

5. تكوين الفـاعلين التربويين

لا يمكن أن نتصور نجاح أي مشروع أو عمل، دون أن يكون الساهرون عليه والعاملون على إنجازه في مستوى الغايات المنشودة. ومن ثمة، لابد أن يقع الاهتمام بتكوين الفاعلين التربويين كل في دائرة اختصاصه، على أن تولى عناية خاصة بهيئة التدريس باعتبارها هي التي تباشر عمليا فعل التربية والتكوين. ونجاح أي مشروع تربوي من النوع الذي نعالجه، يتوقف في الواقع على تحفيز المدرسين على الانخراط الفعلي والمباشر في نشر ثقافة التضامن والتسامح ونبذ العنف، وذلك من خلال تمكينهم (مبدئيا) من رصيد معرفي كاف لتمثل ثقافة حقوق الإنسان ومدلولاتها وأبعادها محليا ووطنيا وعالميا، علاوة على تمكينهم من اكتساب تصور واضح للعوائق التي يمكن أن تعيق أسباب التعاون بين الأفراد والمجتمعات، والسبل الكفيلة لتجاوزها... بل إنه يتحتم حفز الفاعلين التربويين وتشجيعهم على وضع مخططات، ومشاريع برامج في إطار ما يمكن الاصطلاح عليه بالتربية الكونية(25).

إن أي تكوين (للفاعلين التربويين) إذن، ينطلق في الواقع من ضرورة إدراك أن أي إنجاز، ليس إنجازا محدودا في الزمان والمكان ، وإنما له تبعات وعواقب. إن هذه النظرة الشمولية إلى الفعل التربوي يمكن أن تساعدنا في العمل على ضرورة تجاوز الطرق التقليدية، والانخراط في زمن المعلومة. ومن ثم، على الفاعل التربوي أن يدرك أنه لم يعد المصدر الوحيد للمعلومة. وعلى الجميع أن يدرك أن "عالم الأطفال والمراهقين" قد عرف تحولات كبرى، وأن مصادر متنوعة للمعلومات تنافس المدرسة، ويمكنها أن تؤثر في سير التربية والتكوين وتتجاوزه. لهذا لابد من تأهيل تعليمنا وجعله أكثر انفتاحا على التحولات التكنولوجية في مجال المعلومات والاتصال، وجعل المدرسين قادرين على توجيه المتعلمين إلى المصادر الجيدة للمعلومات، وقادرين على تزويدهم بطرق انتقاء المعلومة وتحليلها واستثمارها الجيد، وحسن تدبيرها من أجل تحويلها إلى معرفة(26) تعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع.

ونعتقد أن تحديث المؤسسات التربوية، بتوفير أحدث الأجهزة والمعدات، لا يمكن أن يعطي أكله دون تغير العقليات، وتأسيس العلاقات بين المدرس والتلميذ على أساس علاقة التسامح والاحترام المتبادل. وذلك انطلاقا من الوعي بأن هناك أشكالا ثلاثة من العلاقات(27) يمكن أن تتأطر داخلها العلاقة مدرس/متعلم، وهي كالتالي :

  • علاقة وحيدة الاتجاه unidirectionnelle وهي مبدئيا علاقة تقليدية، تنتهي إلى علاقة سلطوية تكون فيها العملية التعليمية مؤسسة على قطب وحيد وهو المدرس باعتباره مالكا للمعرفة.

  • علاقة ثنائية الاتجاه bidirectionnelle وهي علاقة ترتكز فيها العملية التعليمية على قطبين (المدرس والتلميذ)، باعتبارها علاقة يقع فيها تبادل الأدوار، ويظهر فيها المدرس في صورة الفرد الذي لا يحتكر المعرفة، وإنما في صورة الشخص الذي يحترم محاوره على اعتبار أنه، هو كذلك يفيد بمعارفه. ومن ثمة تكون العلاقة بين القطبين مؤسسة على اقتسام المعرفة.

  • علاقة متعددة الاتجاهات multidirectionnelle وهي علاقة ممكن أن تكون امتدادا أو نتيجة للعلاقة السابقة، إلا أنها أكثر ديموقراطية وأكثر انفتاحا. فهي علاقة يتم فيها إشراك جماعة القسم في جو أكثر تفاعلية وأكثر تبادلا للعلاقات. وهذا النوع من العلاقات هي التي من شأنها أن تعمل على تذويب الفروق الاجتماعية، والقضاء على القيم السلبية (كالأنانية واحتكار المعلومات...) ويتعلم فيها الجميع ثقافة الحوار، والتغاير، والاختلاف في الرأي، واحترام الرأي المغاير.

  • من خلال تجاوز الفعل التربوي القائم على العلاقة الوحيدة الاتجاه، يتحول المدرس إلى قدوة، لأنه يجمع بين النظرية والتطبيق من خلال نهجه لسلوكات ديموقراطية، تقوم على الاختلاف وعلى الاستقلال الذاتي، وبثه لمبادئ ومعايير قيمية أخلاقية تقوم على نوع من الغيرية، واحترام الآخر.

ولا يفوتنا، أن نؤكد، أن أنجع السبل لتأهيل المدرسين، وجل الفاعلين التربويين، يتمثل في الاعتماد على "استراتيجية التكوين عن بعد" e-learning . فلا يعقل أن يعتمد التكوين المستمر مطلقا على انتظار عطل بينية، أو موسمية، نظرا لما في ذلك من مضيعة للوقت، وهدر للجهد، وتوظيف لإمكانيات مادية يمكن تصرف في مجالات أخرى. علاوة على أن التركيز المطلق في التكوين المستمر على تربصات بشرية، يقوم في الواقع على خلفيات تمتد جذورها إلى التربية التقليدية والتي توحي بأن المتلقي لا يمكنه أن يأخذ المعرفة إلا في إطار علاقة وحيدة الاتجاه unidirectionnelle ، أو علاقة مباشرة بالمكون. ومن هذا المنطلق، نعتقد أنه آن الأوان أن تخرج الأكاديميات، من الطابع الإداري الذي طغى عليها لسنوات، وأن تولي عناية خاصة للتربية والتكوين. وفي هذا الإطار، يجب على الأكاديميات أن تتنافس حول إنشاء مواقع أنترنيت للتربية والتكوين، عالية الجودة على مستوى المضامين، على أساس أن تكون اللقاءات التربوية التي يترأسها المفتشون مناسبة للتفكير، وتعميق النقاش فيما ينشر، قصد تمثل أبعاده وربما إغنائه، ولم لا نقده، وإعادة النظر فيه ؟ !

تخريـج عـام

إنه لا يمكن أن نتصور نجاح أي مشروع تربوي، دون الالتفات إلى الوضع المادي والاجتماعي للأطر التعليمية. فمن المؤسف، أن يلاحظ ، أن جل هذه الأطر (وعلى اختلاف مسؤولياتهم) تعمل على تصريف كثير من الوقت في الحديث عن مستجدات الترقية، وتسوية الأوضاع المادية والاجتماعية. علما بأن من أخطر الآفات التي يمكن أن يتعرض لها أي إطار في التربية والتعليم هي ما يمكن الاصطلاح عليه ب"الأمية الثقافية" illettrisme (28). وفي إطار الافتقار إلى دراسة موضوعية، في هذا الشأن، لنا أن نتصور عواقب ذلك على مستقبل العملية التربوية-التعليمية. وبما أن جميع مكونات تلك العملية، تتمركز حول إنجاح العلاقة مدرس/تلميذ، فإننا ننصح بأن تولى عناية خاصة بهيئة التدريس سواء من حيث التكوين أو التقدير والاحترام. فليس من الصعب، أن ندرك أن أي مشروع أو مخطط تربوي لا يمكن أن يصل إلى نهاياته دون التجند التام والمطلق لجميع الأطراف. إلا أن الملاحظ هو أن هيئة التدريس كثيرا ما تنسى عند التهنئة عند حصول المكرمات، و في المقابل تعتبر مشجبا سهلا لتبرير كثير من الإخفاق والعواقب السيئة. وربما يرجع ذلك لوجود هذه الفئة بين مطرقة المسؤولين، وسندان التلاميذ وأولياء أمورهم(؟ !! ).

ونود أن نشير إلى أن مسألة التكوين المستمر لا تتعلق بهيئة التدريس وحدها... ؛ فإن كنا - في ما سبق- قد أشرنا إلى أهمية قيام العلاقات داخل الصف (=القسم) على علاقات متعددة الاتجاهات، لابد أن ندرك أن نجاح أو فشل العملية التربوية-التعليمية، تتوقف على انتشار هذا النوع من العلاقات بين جميع الأطراف المساهمة في مكونات تلك العملية. وذلك من خلال البدء بالتخلص من السلوكيات البيروقراطية، ومن إخفاء الافتقار إلى روح المبادرة، والابتكار(...) بالتظاهر بالاضطرار إلى التقيد بالتعليمات، أو إلى أهمية شرح مذكرات هي في غنى عن الشرح. ونستغل ذلك لنقول : إن نجاح المشـاريع التربوية يكون بإعلان نوع من الشراكة بين جميع الفاعلين، والحرص عـلى تذويب التراتبيـات والألقاب، واحتـرام مبدأ الأهلية والكفاءة، والحفز على البحث في مجال التربيـة والتعليم والتكوين، بواسطة مكـافئات مادية ومعنوية.

قد يقول قائل، إن هذا الخطاب ينأى عن سياق الموضوع (=التربية كإقصاء للعنف). ونعتقد أن العكس هو الصحيح، لأن محاربة العنف ونشر ثقافة السلام، يفترضان بناء مجتمع ديموقراطي وحداثي. وذلك غير متاح إلا بأفراد مكونين تكوينا علميا وعقلانيا، متشبعين بالإرادة في العمل، متمتعين بالاستقلال الذاتي وبروح المبادرة، متفاعلين مع الغير على أساس مبدأ الاحترام (....)، وتلك مميزات يشترط توفرها في المسؤول والتابع معا، وفي المعلم قبل نشدانها في المتعلم...

ونؤكد، أخيرا، أن نجاح أكاديميات التربية والتكوين يتوقف على نجاح المؤسسات التربوية والتعليمية التابعة لها. ومن ثمة، فإنه يجب التفكير منذ الآن في مستقبل الثانويات على اعتبار أنها تتجه تدريجيا لاكتساء صفة "مصلحة للدولة تسير بصفة مستقلة" SEGMA (29). ونعتقد أنه من الممكن استباق تلك اللحظة، شرط تمكين الثانويات من قوة تفاوضية، تجعلها قادرة على البحث عن شراكات تمكنها من جلب موارد مالية إضافية، لتستطيع منذ الآن أن تلعب دورا كبيرا في تأهيل التلاميذ وتمكينهم من الحصول على تعليم أكثر جودة، وبالتالي توفير وسائل تعليمية أكثر ملاءمة للعصر.

الهوامش

1) Guy Rocher, I. l'Action sociale, coll. Points, éditions HMH, 1968, p. 164

2) إيف ميشو، "العنف"، ترجمة محمد سبيلا، كتاب تساؤلات الفكر المعاصر، دار الأمان للنشر والتوزيع، 1987، ص 86
3) جان بياجي، التوجهات الجديدة للتربية، ترجمة محمد الحبيب بلكوش، دار توبقال للنشر الطبعة الأولى 1988، ص 47
(4) Guy Rocher, op. cit. p133 (5) عبد الغفار رشاد محمد، "الثقافة السياسية العربية..." مجلة منبر الحوار، العدد 34 ، إصدار دار الكوثر، بيروت، 1994 ، ص 67 (6) نفس المرجع، ص 72 (7) جان بياجي، المرجع السابق، ص 53
(8عبد الغفار رشاد محمد، المرجع السابق، ص 69
9) حسنين توفيق إبراهيم، " تكنولوجيا المعلومات وإشكالية الديموقراطية في دول الجنوب ..." منبر الحوار، العدد 34 ، إصدار دار الكوثر، بيروت، 1994 ، ص 125
10) جان بياجي، المرجع السابق، ص 17 . لقد عمل بياجي على حصر هذه الفكرة على المواد العلمية فقط، وفي الواقع فإن نفس التصور يصدق على كل المواد الدراسية، وذلك ما يلاحظ في لجوء كثير من المدرسين إلى وضع التلاميذ مباشرة أمام إبداعات ونصوص المؤلفين الأصليين حلاق، "التربية والعولمة"، ترجمة حسن سيوحي، مجلة علوم التربية، المجلد الثاني- العدد العشرون، مارس 2001 ، (...إلخ)
(11 جاك حلاق، "التربية والعولمة"، ترجمة حسن سيوحي، مجلة علوم التربية، المجلد الثاني- العدد العشرون، مارس 2001 ، مطبعة النجاح الجديدة، ص 100
12) محمد باداج، "مداخلة في إمكانية توظيف التقنيات الحديثة في تدريس الفلسفة"، جريدة دليل الأنترنيت، العدد 16 ، أكتوبر 2001، ص 4
13) حسنين توفيق إبراهيم، المرجع السابق ، ص 125

14) Yahya El Yahyaoui, Internet et société de l'information…, Boukili impression édition et distribution, Kénitra-Maroc, 2001, les pages 203,204,205

(15) عطيات أبو السعود، "كانط والسلام العالمي"، مجلة عالم الفكر، المجلد 31 – العدد 04 ، ابريل-يونيو 2003 ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت، ص 113

16) UNESCO, «L'Unesco et l'éducation pour la paix , Perspectives, Vol. XV, n° 3, Uneco, 1985 p.p 487-496, article 4 تجدر الإشارة إلى أن المقال هو عبارة عن نشر للنص الكامل لتوصية تمت المصادقة عليها في "الجمع العام لمنظمة اليونسكو" سنة 1974
17)ibid. article 13
18) ibid. article 6
19) ibid. article 11
20) Guy Rocher, op. cit. p 151

21) جان بياجي، المرجع السابق، ص
64 (22) نفس المرجع ص 65
23) نفس المرجع ص 64
(24 يلاحظ، في أيامنا هذه، إقبالا مفرطا للتلاميذ على ساعات الدعم الإضافية المؤدى عنها، وهذا لا يكرس التبعية للمدرس فقط، بل يولد عديدا من الأخلاق السلبية عند التلاميذ كالأنانية والأثرة (...) لما نلمسه عند كثيرين من نزوع مفرط إلى احتكار المعلومات والمعارف، باعتبار أنهم من دفعوا أجرها، وهذا في عصر يفترض فيه أن يكون عصر تداول المعلومات والمعارف.

25) UNESCO, op. cit. article 33

26) جاك حلاق، المرجع السابق، ص 102

27) مرجع من الأنترنيت : Claude Lamontagne, « Le profil d'apprentissage et le respect de l'altérité – La relation enseignant-enseigné », IRPA , Québec 2001 , http://www.irpa.qc.ca/profresp.htm

28) نود هنا الفصل بين الأمية analphabétisme بمعنى الجهل بمبادئ القراءة والكتابة، و"الأمية الثقافية" illettrisme وهي فقدان عادة القراءة والكتابة بالنسبة لمن سبق لهم أن نالوا تكوينا تعليميا. فيلاحظ أن هذه الآفة كثيرا ما تصيب الأطر(الأطباء، المهندسون...) التي لا تجد الوقت الكافي للقراءة، إلا أن الأوضاع المادية والاجتماعية للأطر التعليمية ممكن أن تعمل على انتشار هذه الظاهرة في أوساطهم. علما أنه يفترض في رجل التعليم أن يكون مواكبا للمستجدات في المجالين الفكري والإبداعي فضلا عن المجال التربوي. (29) الميثاق الوطني للتربية والتكوين، المادة 149 الفقرة ب ، المملكة المغربية، يناير 2000.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق