رغم إقرار ميرلوبنتي بمركزية الجسد في تحديد "الإنساني" باعتبار الجسد قوام الوجود"وما يكون به الإنسان إنسانا فان مقاربته للإنسان لم تتجاوز التقليد الذي استحدثه ديكارت في اعتبار الانية مشروطة بتحقق الوعي والنظر للإنسان باعتباره كائن الوعي، غير إن هذه المقاربة للإنساني"تواجه صعوبات شديدة أمام محاولة إثباتها بشكل مطلق؛ذلك أن النظر في الهفوات في الأفعال من "زلات لسان "أو زلات قلم أو تعقد ظاهرة الأحلام ...تبرز لنا صعوبة تعريف الإنسان على أساس كونه كائن الوعي أي كائنا يختص بقدرته المطلقة على معرفة ذاته بكل شفافية والتحكم في جميع أفعاله .وهو ما يلزمنا بإعادة النظر في وجاهة ها التحديد للإنساني وربطه بالوعي.
يستلزم البحث في الإنساني علميا،حسب فرويد،بداية استبدال مفهوم "النفس "الميتافيزيقي ،بمفهوم الجهاز النفسي باعتباره آلية إجرائية تمكن من معرفة موضوعية بحقيقة الحياة النفسية .يبرز لنا تحليل مكونات الجهاز النفسي انه يقوم على الكثرة،كثرة داخلية،وليس الوحدة.يتكون الجهاز النفسي من ثلاثة منظومات:
*الهو:يحيل على ما هو غريزي وأصلي في الإنسان و تضاف إليه لاحقا الذكريات المنسية. يتعلق مبدأ وجود الهو بتحقيق اللذة وإشباعها دون اعتبار لمقتضيات الواقع الاجتماعي.
*الأنا الأعلى:وهو الجزء المكتسب في الإنسان وهو يمثل مجموع المقتضيات الاجتماعية التي تم استبطانها داخل الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية.تمثل مهمة الأنا الأعلى في المراقبة والمعاقبة لكل ما يصدر عن الأنا.ما يوجه الأنا الأعلى هو مبدأ الواقع أي الانسجام مع مقتضيات الوجود الاجتماعي.
* الأنا:يمثل الجزء المتطور من الهو وهو بذلك امتداد له تتمثل وظيفته في محاولة التوفيق بين متطلبات الهو ومقتضيات الأنا الأعلى ولتحقيق ذلك يعمد الأنا إلى الالتجاء إلى جملة من الحيل الدفاعية التي يسعى من خلالها إلى تحقيق توازنه النفسي أهمها التمويه والإخفاء والكبت.
تقوم الحياة النفسية ،إذن، على أساس الصراع بين الهو من جهة والانا الأعلى من جهة ثانية وهي وضعية تجعل من وضعية الأنا وضعية بائسة نظرا لأنه يكون من المستحيل بالنسبة للانا أن يوفق بين المطالب المتناقضة بين الهو والانا اللاوعي: يمثل اللاوعي مجموع الرغبات التي قام الأنا بكبتها ودفعها لعمق الحياة النفسية تحت تأثير الأنا الأعلى من جهة وما ترسب من ذكريات الطفولة السيئة من جهة ثانية.تكمن خطورة اللاوعي في كونه يضل فاعلا في حياتنا النفسية دون أن تكون لنا القدرة على إدراك حقيقة حضور هذه الدوافع اللاواعية وهو ما يكون سببا في حدوث المشاكل النفسية بالنسبة للفرد. .
باعتبار أن اللاوعي يقبع في عمق الحياة النفسية فانه يكون من المتعذر إدراكه ومعرفته بشكل مباشر.لا يكون إدراك الدوافع اللاواعية إلا بصورة غير واعية تتمثل في تجليات اللاوعي سواء أكانت سوية أو غير سوية.
المكتسبات:
- إدراك حقيقة الإنسان يستوجب التخلي عن مفهوم النفس والاستعاضة به بمفهوم الجهاز النفسي.
- يبرز الجهاز النفسي أن الحياة النفسية لا تقوم على الوحدة وإنما الكثرة
- يتشكل الجهاز النفسي من ثلاثة منظومات:الهو والانا والانا الأعلى.
- تقوم العلاقة بين الهو والانا الأعلى على أساس الصراع نظرا لتناقض المبدأ الذي يوجه كل منهما فان كان المبدأ الموجه للهو هو تحقيق اللذة فان ما يوجه الأنا الأعلى هو الخضوع لمبدأ الواقع.
- يعمد الأنا لكبت غرائزه تحت تأثير هذا الصراع لتحقيق توازنه النفسي.
- اللاوعي هو مجموع الرغبات المكتوبة.
- الجزء الأكبر من حياتنا يقع تحت تأثير اللاوعي دون أن نكون على وعي بذلك
- المسلمات : تمثل الغرائز الجنسية المحرك الأساسي للوجود الإنساني.
- الضمنيات : ليس العقل هو ما يكون به الإنسان أنسانا وإنما الجسد.
- الاستتباعات : تحقيق السعادة غير ممكن بالنسبة للإنسان لأنه لا يمكن تحقيق التوافق بين الهو والانا الأعلى
احدث المواضيع
الاثنين، 23 نوفمبر 2009
تصدع الانية: فرويد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق