احدث المواضيع

الأحد، 13 ديسمبر 2009

مخطوطات وأعمال في الفكر المغربي

                                                                     محمد المنوني
                                                               كلية الآداب - الرباط

         القصد أولا من هذا العرض إلى تقديم مخطوط مغربي، تتناثر بين موضوعاته أبواب تعرف بالفلسفة وكثير من فروعها، في أرجوزة مطولة بتصاعد عدد أبياتها إلى نحو السبعة عشر ألفا في الموجود منها، علما بأن ناظمها توفي دون إتمامها.

والأرجوزة تحمل اسم "الأقنوم في مبادي العلوم"، من تأليف أبي زيد عبد الرحمن بن أبي السعود بن عبد القادر الفاسي الفهري، المتوفي عام 1096/1685، لا يزال مخطوطا في عدة نسخ يتخلل بعضها بياض، ومنه واحد في الخزانة العامة رقم 15 من حرف الكاف، وفي الخزانة الحسنية أربع نسخ تحمل الأرقام التالية: 6585, 2323, 1802, 485.

        وحسب "صفوة من انتشر"، فإن الأقنون يستوعب أزيد من ثلاثمائة علم، أي بين علوم أصيلة وأخرى دخيلة، وسنلتقط منها العلوم التي تتصل بالفلسفة وفروعها، مع بيان عدد الأبيات التي تعرف بكل مادة في المسرد التالي:

        علم الجدل: 118 بيتا – علم المنطق: 62 بيتا - علم الموسيقى: 72 بيتا - علم السفسطة: 121 بيتا - علم الفلسفة: 170 بيتا - علم العدد: 129 بيتا - علم الجبر والمقابلة: 170 بيتا - علم الإرتماطيقي: 138 بيتا - علم السياسة: 72 بيتا - علم الرئاسة: 180 بيتا - علم الإلاهيات: 151 بيتا - علم الحكمة: 113 بيتا - علم الطبيعيات: 190 بيتا - علم أسرار الخليفة: 18 بيتا - علم المناظرة: 36 بيتا.

        وإلى هنا تصل هذه المقتبسات من كتاب الأقنوم، إلى خمس عشرة مادة، ونشير – بعدها إلى أربع مؤلفات موضوعية في الجملة، من وضع معاصر لأبي زيد الفاسي، أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي، المتوفي عام 1102/1691، فتوجد له تأملات فلسفية، ينثرها الفينة بعد الفينة، في كتابيه "المحاضرات" و"الفهرس"، على أنه في مؤلفه "القانون" يبرز -بين مواده- فروع علم الفلسفة، ثم يتوسع في شرح مسائل المنطق، حتى إذا ألف حاشيته على العقيدة الكبرى للسنوسي، يتصدى للرد على الإمام السيوطي، فيما ذهب إليه من تحريم الاشتغال بعلم المنطق، في أسلوب متجاوز نقده عليه محمد مرتضى الزبيدي في شرحه لإحياء علوم الدين.

        وإلى جانب هذه المؤلفات للفاسي واليوسي، كانت بعض الكتب الفلسفية أو المعدة لها، تدرس في حلقات معلنة أو متسترة، كما هو شأ الحفيد أبي بكر ابن زهر في عصر الموحدين، وفي أيام بني مرين كان الإمام ابن البناء مقصدا للطالبين وخصوصا من فاس وتلمسان.

        وفي فاس وغيرها، كان الإمام الأبلي يتسابق الطلاب للأخذ عنه في هذه العلوم، وكان من أساتذته بفاس شيخ التعاليم من اليهود خلوف المغيلي، وكان الإبلي اختفى عنده حتى استوفى عليه فنونها وحذق فيها.

        وفي سبتة: نشير إلى إمام التعاليم محمد بن هلال شارح المجسطي، وقد رحل إليه وأخذ عنه محمد بن النجار التلمساني.

        ومن المؤكد أن نشير، إلى هذه المواد الفلسفية، أو المهددة لها، استمرت دراستها في فاس خلال العصر الحديث حتى القرن التاسع عشر، وقد جاء في فهرسة الإمام محمد بن علي السنوسي جد السنوسيين في ليبيا، هذه الفقرة لدي تعداد أشياخه: "ومنهم العلامة، المتقي، الماهر المتفنن، أبو المواهب سيدي أبو بكر بن زيان الإدريسي، حضرته في علوم كثيرة، وقرأت عليه الفرائض والحساب، والأربعين وصناعتهما، والأسطر لا بين وصناعتهما، والعلوم الأربعة الرياضية: الهندسة، والهيئة والطبيعة والإرتماطيقي، وأصول قواعد الموسيقى، والمساحة، والتعديل، والتقويم، وعلم الأحكام، والنسب، والوفق، والقواعد الحفرية، والأصول الزابرجية، والبسط والتكسير، والجبر والمقابلة، وغيرها وأخيرا يسير إلى ابن مهنا السبتي: أحمد بن محمد نزيل فاس، والمتوفى عند بداية الهجرية التاسعة، أو بداية ق15، وهو شرح ألفية ابن سينا باسم "الإيضاح والتتميم" وإن القارئ لشرحه هذا، ليتبين له تأملات فلسفية عميقة المدى، ومن بين ذلك، محاولة بثها في شرحه هذا، للكشف عن معنى الروم الحيواني، والحار الغريزي، والقوى.

        لا يزال هذا الشرح مخطوطا وموزعا بين الخزائن المغربية: نسخه ح، ع، ك 1609ك: في ثلاثة أجزاء يجمعها سفر يتخلله بتر بعد الورقة الأولى.

        وبالخزانة الحسنية قطعتان رقم 8775, 6446 مع السفر الأول رقم 1557 ز.

        وفي المكتبة العامة بتطوان: نسخة تحمل رقم 13، وهي -بدورها- غير تامة، والموجود منها جزءان يضمهما سفر.

        ولأهمية هذا الشرح في ميداني الطب والفلسفة معا يحسن بالجمعية الفلسفية المغربية، أن تتبنى طبع كتاب الإيضاح والتتميم، والله -سبحانه- ولي التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق