احدث المواضيع

الاثنين، 23 نوفمبر 2009

الإنيّة والغيريّة - التواصل والأنظمة الرمزية - الخصوصية والكونية

الملتقى التكويني الفلسفي، لأساتذة التعليم الثانوي بجهة تونس:

«الانسانى بين الوحدة والكثرة»

مداخلات هامة لبعض الجامعيين والمختصين حول:

- الإنيّة والغيريّة

- التواصل والأنظمة الرمزية

- الخصوصية والكونية

تونس: جمال الهرابي

نظّم المركز الجهوي للتربية والتكوين المستمر بتونس، بالتعاون مع متفقد مادة الفلسفة بجهة تونس الدكتور خميس بوعلي، وبدعم من الادارة الجهوية للتربية والتكوين بتونس، مؤخرا بفضاء المركز، ملتقى فلسفيا تكوينيا لفائدة أساتذة الفلسفة، تحت عنوان «الانساني بين الوحدة والكثرة»و قدمت فيه مجموعة من المحاضرات من قبل ثلة من الجامعيين والمختصين تمحورت حول المسائل الأولى من البرنامج الجديد للفلسفة في الباكالوريا، مثل مسألة: «الانية والغيرية»، ومسألة «التواصل والأنظمة الرمزية»، ومسألة «الخصوصية والكونية» وغيرها من المحاور الهامة، والاشكاليات التي تهم الواقع المعيش، حيث ان التلميذ اليوم مدعو الى التساؤل حول ذاته في علاقته بالآخر، من خلال المحاور الهامة التي اصبح يدرسها في مادة الفلسفة..

هذا وقد افتتح فعاليات الملتقى الدكتور خميس بوعلي متفقد المادة، وبحضور جمع غفير من اساتذة المادة، وقد اثار المتفقد في كلمة الافتتاح، مشكل الرهان على قيم كونية، والصعوبات المتعلقة بهذا الرهان، مؤكدا على ضرورة الانتباه الى مسألة التاويل، والسياقات المفهومية... كما اشار الى بعض النصائح  والتوجيهات البيداغوجية التي تتعلق بخصوصية البرامج الجديدة.

ثم قدم الدكتور خميس بوعلي مداخلة تحمل عنوان الملتقى «الانساني بين الوحدة والكثرة»، وقدمت الدكتورة أم الزين بن شيخة المسكيني محاضرة حول «الفلسفة والانسانوية» تطرقت فيها الى مسألة الانسانوية في تاريخ الفلسفة، فاذا ارتكزت الحداثة على مقولة الانسان العاقل والحر.. فان ما بعد - الحداثة رجّت الحداثة، واستنتجت الدكتورة، القول بان الانسانية تبقى غاية، وكفاحا مشروطا بالانفتاح على الآخر.

وفي اليوم الثاني للملتقى قدمت محاضرتان: الأولى للدكتور فتحي المسكيني وتحمل عنوان «الإنية: من «الهم» الى «الدازين»، والثانية للدكتور صالح مصباح وتناولت مسألة «التواصل والوساطة»..

«الملحق الثقافي» واكب هذا الملتقى الهام، وتابع مختلف فعالياته، وسجل آراء وانطباعات بعض المشاركين فيه:

الانسانيّ بين الوحدة والكثرة.

وبعد افتتاح الملتقى قدم الدكتور خميس بوعلي مداخلة تحمل عنوان الملتقى الانساني بين الوحدة والكثرة»، تطرّق فيه الى عديد المسائل والقضايا وفيما يلي ابرز ما ورد فيها  «الانية والغيرية»، «التواصل والانظمة الرمزية»، «الخصوصية والكونية».. يبدو ان هذه المحاور الثلاثة والتي يتكون منها الباب الاول للبرنامج الجديد «الانساني بين الوحدة والكثرة»،  لتدريس الفلسفة في التعليم الثانوي، هي محاور تضع املا كبيرا في طرح مسألة: الانسان بكل تفرعاتها الممكنة.

فالمحاور الثلاثة تسعى بمختلف احداثياتها التفكير فيها الى مساءلة هي اقرب الى بحث في الموضع / الموقع او الحيز اين تبدأ مواقع الآخر حتى اعرف متى تنتهي حدودي الخاصة.

او قل هي مساءلة تتقصى التخوم وتعمل على ارباكها عساها تظفر بقاسم مشترك يحرر الفرد من قساوة التصنيف التقليدي: انا او الآخر، فكأن لا مجال للالتقاء او للحوار او كأنّ ما عملت الفلسفة على انجازه سواء على مستوى التأسيس المنطقي والميتافيزيقي، او التأسيس الثقافي من دعم لفكرة وحدة الانسان او وحدة الانسانية لم يفعل سوى اضعاف فكرة الهوية المشتركة هذه، وبالتالي بيان ان مسعى كل هوية او ثقافة انما هي تجربة جعل الكلي المنشود ملكا لتلك الثقافة او الهوية وحكرا عليها.

فهل لزم علينا ان نسلم بان كل ارتباط في البحث بين الثقافة او الهوية من جهة، والكلي من جهة ثانية مآله الفشل، لسبب اول: ان هذا ما يحدث في التاريخ والوقائع اليومية، ولسبب ثان: اننا اذا ما نظرنا الى الثقافة والى الهوية باعتبارها تعبيرا عن الاختلاف، ألفينا انها تاكيد على اختلاف الثقافات وتمايزها واذن الانفصال على الكلي بين هذه الثقافات وبين هذه الهويات. اذ ما دامت كل ثقافة تعبيرا عن إنية وعن ذاتية، فما الذي يضمن الحديث عن انسانية واحدة او عن ثقافة موحدة؟ ألن يفضي بنا مثل هذا الحديث الى ضياع كل  امكانية حوار او التقاء بين الانيات المتنافسة بل والمتصارعة؟ الا يمكن ان يؤدي مثل هذا المسار الى التخلي عن فكرة: البنية الموحدة للعقل البشري، او الطبيعة البشرية، واذن الى قرار النسبوية المتشككة.

لقد حققت الفلسفة مكاسب هامة منذ ان اشتغلت على هذه المسائل، فهي قد تخلصت من هيمنة النموذج اليوناني القائم على فكرة المحاكاة، وارست النموذج العقلاني المستند الى فكرة الطبيعة البشرية، واستفادت من التحول الالسني الذي اظهر لنا الدور الهام للتاويل. ورغم هذه المكاسب فالفلسفة لازالت مطالبة باختبار افق التاويل هذا، والبحث في ما اذا لم يكن يستنسخ مفرداته السابقة و «يكتفي بمجرد تنظيفها وتلميعها» وتقديمها لنا على انها الحل الامثل لما تواجهه اليوم معقولية التاويل من صعوبات، اهمها انها معقولية غير قادرة على تصور كلي متنوع فعلا، خاصة وانها لم تخرج عن دائرة: الذاتية ولا تفعل سوى الحاق ثقافات اللاذات وهواياتها، بثقافة الذات والعمل على جعلها هامشا.

فكأن الحوار او الترجمة المترتبة عن افق التاويل لا يعدوان ان يكونا سوى آلية الهام او استيعاب وهو ما سوف ينعكس سلبا على الفلسفة وعلى المكاسب التي امكن تحقيقها حتى اليوم.

نحن لا نعتقد ان الفكر يمكن ان يسلم بمثل هذا المصير السلبي، ان التفكير مقاومة، وهو ان كان مقاومة للنسبوية فهو مقاومة ايضا لمنطق الاقصاء او الضم عبر آلية التأويل.

ويبدو ان مفهوم التاويل يملك من الجاهزية للاجابة على اغلب الاسئلة المحيرة التي قد تنتاب الفكر، فمن جهة يستمد التأويل مبررة كما ذهب الى ذلك بول ريكور وقادامير من «الفكر التأملي» ومن «منطق ثنائية المعنى»، ومن منطق متعال يؤسس نفسه في نطاق شروط ملائمة لرغبة الانسان الانسان في ان يكون، خلافا لمنطق او لشروط علوم الطبيعة المحتكمة الى موضوعية محددة. بما يمكن التأويل من الغاء المسافة بين المؤول والمدونة، وبأن يجعل المؤول معاصرا للنص وهو ما ينمي لديه شروط الفهم. وقد اسفر هذا التمشي لدى فلاسفة التاويل الى حيازة الوجود وامتلاك وسائل النقد التي يمكن ان تطبق على المستوى العملي: اقامة شرعية العلم، تأسيس الواجب.. بحيث يسترد الكوجيتو انفاسه ان صحت العبارة من خلال تعبيرات الحياة التي يتمظهر فيها.

ومن جه اخرى بدا هذا التأويل منسدا الى انطولوجيا وهي انطولوجيا تعود مع ريكور الى هيدقير وروسيل ومن ثم الى دلتاي وشلاير ماخر.

يقول بول ريكور: «الواقع ان «انطولوجيا الفهم» التي اسسها هيدقير واقامها مباشرة بواسطة «قلب مفاجئ» للمشكلة. تم بالموجب الاستعاضة عن «نموذج المعرفة» بـ «نموذج الوجود». ذلك الوجود الذي اصبح كما يراه هيدقير بمثابة «أفق» نرنو اليه وهدف نسعى نحوه اكثر من كونه حقيقة معطاة» («صراع التاويلات» صفحة17).

انها انطولوجيا قامت ببنائها فلسفات الذات على امتداد القرون الثلاثة الماضية ورغم التعدد التي تظهر به: استناد التحليل النفسي الى «حفريات الموضوع» وانشداد فينومينولوجيا الروح الى «غائية معينة» وانبناء فينومينولوجيا الروح الى «غائية معينة» وانبناء فينومينولوجيا الدين الى «منطق الاخرويات»، فانه يمكن الاقرار  بوجاهة مسعى هيدقير بضم هذه الانطولوجيات في نسق واحد في القسم الثاني من كتابه: «الوجود والزمان».

فهل مازال بالوسع ان نعتمد هذه الانطولوجيا لنقد الذاتية او لنقد الحلقة التاويلية التي تولدت عنها؟ هل من الممكن ان «نفسد» هذه الانطولوجيا من الداخل او ان نربك نسقها ونظام قيمها حتى يتسنى لنا ربما استحداث مكاننا داخل التاريخ؟ أليس من اللازم علينا اليوم ان نتعلم درس قادامار القاضي بأن الحقيقة لا تنفصل عن المنهج فهو جزء لا يتجزأ منها، والقاضي ايضا بالانزياح عن منطق «الحقيقة» المتعالية، والمعيارية وغير المشروطة، بحقيقة هي علاقة مع الآخر، وحوار غير منته بين «النحن» و «التراث» حيث ينظر الى اللغة بوصفها حوارا، والانتظار بوصفه تفاهما ومشاركة وحيث يكون كل وجود: وجود من اجل الحقيقة توجهه ارادة الفهم وايتيقا الحوار».

الفلسفة والانسانوية

وقدمت الدكتورة أم الزين بن شيخة المسكيني (استاذة جامعية تدرس الفلسفة بجامعة تونس المنار)، محاضرة متميزة بعنوان: «الفلسفة والانسانوية»، وقد عالجت فيها المشكل الفلسفي التالي: هل مازال ممكنا للفيلسوف اليوم ان يزعم انه انسانوي؟ وفي المقابل: كيف نفهم وجاهة فلاسفة في حجم هيدقير وميشال فوكو لا يرون اي حرج نظري او اخلاقي في الزعم انهم مضادون للانسانية؟

حضور مكثف لأساتذة مادة الفلسفة، وحوار ثريّ وتفاعل ايجابي بين المشاركين

ولماذا اصبحنا نتحدث عن الانساني الآن؟ وبأي موجب اشكالي اصبح الانساني ممكنا؟ واي انسانوية سنغنم؟

وقد عالجت المحاضرة هذه الاشكاليات من خلال التمييز بين ثلاثة نماذج من الانسانية:

- الانسانية الاولى: اتخذت «الانسانية»، «طبيعة بشرية» (من النهضة الى التنوير)

- الانسانية الثانية: راهنت على مفهوم «الانسانية» (مع كانط)

- والانسانية الثالثة: انفجرت فيها فكرة الانسان من اجل ان يولد منها مجال الانساني (L’humain) وكتاب نيتشه «انساني - مفرط في انسانيته» يعد برنامج الفلسفة الى حد ميشال فوكو وفي مقاربتها لمسألة الانسانوية داخل الحقل الفلسفي، راوحت بين الحداثة وما بعد الحداثة، واعتمدت على ثلاثة مرجعيات هامة وهي: فلسفة كانط، وفلسفة نيتشه، وفلسفة ميشال فوكو..

وتخلل المحاضرة تعقيب للدكتور خميس بوعلي متفقد المادة، وحوار ثري بين الاساتذة المشاركين في الملتقى.

الإنية: من «الهم» الى «الدازين»..

وقدم الدكتور فتحي المسكيني (استاذ جامعي يدرس الفلسفة بجامعة تونس المنار)، محاضرة بعنوان : «الإنية من «الهم» الى «الدازين»، حيث بين ان بول ريكور قد شخص طريق «الانية» (Ipséité, Selbstheit) في كتابه : «الكينونة والزمان» في اربعة اطوار:

1- تقرير ما يميز «الدازين» من كونه «لي- في- كل- مرة» (Jemeinigkeit)، (في الفقرة)

2- اقامة السؤال الوجوداني عن «من؟» الخاصة بالكائن الذي من جنس «الدازين» (في الفقرة25)

3- المعادلة بين «الدازين» و «العناية» (في الفقرة 41)

4- الوصل بين «العناية» و «الانية» (في الفقرة64)

واكد الاستاذ المحاضر على ان الدازين يختص بكونه الكائن الذي يفهمه كينونته «الخاصة»ولذلك فالدازين يوجد دوما في ضمير المتكلم «أنا»، الأنا الذي يخصه بما هو كائن.

وهكذا فان «ذاته» الاصلية ليست سوى هذا «الانا» نفسه من جهة ما يشير الى نفسه بقوله «انا نفسي» فلكل انسان القدرة الاصلية على قول «انا نفسي». بهذه العبارة هو يدخل في صلة مع «اصالة» (Eigentlichkeit) ذاته، اي مع اخص ما في نفسه من الانتماء الى نفسه، وليس ذلك سوى كينونته التي «له - في - كل - مرة»، لكنه لا يستطيع ان يصير ذاته الاصلية الا بقدر ما يتعمق في ذاته «غير الاصلية»، اي من جهاز «عدم الاصالة» (Uneigentlichkeit) الذي اشار اليه هيدقير تحت مصطلح «الهم». فالهم يشير الى ذاته التي ليست له في كل مرة.

والاصالة هي عبارة عن «الانية» التي اختارها وكانها من ذات نفسه، وعدم الاصالة هي عبارة عن الانية التي لم يخترها ولم يكنها من ذات نفسه. والدازين هو نمط كينونة هو «لي-في- كل- مرة»، وعلى ذلك فماهو «لي- في-كل- مرة» هو امر ينبغي علي «ان - أكوّنه».

لكن الدازين لا يمكنه ان يفلح في استرجاع ذاته من «الهم» الا عندما يستعيد قدرته الاصلية على السؤال عن «الانية» التي تخصه بطريقة مباينة تماما لصيغة السؤال عن اي كائن آخر ليس من جنس الدازين؟

ان السؤال الوحيد الصالح للاستفهام عن الانسان هو «من هو؟» فليست كينونة الدازين «ماذا؟»، قابلة للتعيين بواسطة «المقولات»، بل هي «من؟» (wer) لا يمكن فهمها الا من خلال الاحوال «الوجودية»

كما تطرق الدكتور فتحي المسكيني الى مسألة الانية في سياقات فكرية متعددة في تاريخ الفلسفة.. ليؤكد على ان الانية هي مهمة ومشروع وليست معطى، ويجب على الانية ان تصطدم بالغيرية لتثبت انيتها فهي نوع من التنويع «اني انا الذي هو»..

وبين ان الهوية هي هوية سردية، وان «الهم» هي جهاز انتماء عمومي..واثر انتهاء المحاضرة فسح المجال للحوار ولتدخلات الاساتذة المشاركين في الملتقى الذين ساهموا باسئلتهم واضافاتهم في اثراء اللقاء.

التواصل والوساطة

وقدم الدكتور صالح مصباح  (رئيس قسم الفلسفة بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس) محاضرة بعنوان «التواصل والوساطة»، تتعلق اساسا بمسألة «التواصل والانظمة الرمزية» المدرجة في البرنامج الجديد للفلسفة في الباكالوريا، وفي مداخلته، اكد المحاضر على انه، ليس جديدا على الفلسفة الاهتمام بالتواصل، اذ انها منذ تكونها فكرت في الانسان باعتباره حيوانا ناطقا/ عاقلا، مدنيا... بيد ان الثورة الاتصالية المعاصرة قد جعلت المسألة بؤرة اهتمام فلسفي راهن وهو ما اعاد تنظيم طرح كل المسائل ذات الصلة بالتواصل هذا اولا وثانيا لقد كان هيقل قد بوأ الوساطة منزلة فلسفية ميتافيزيقية تأملية قبل ان يضطلع الفكر الفلسفي الانتروبولوجي بذلك وقد ساد الفكر الفلسفي عموما وعي حاد بالتوتر بين الوساطة باعتبارها شرط كل تواصل وفي ذات الوقت معوّق للتواصل.

وبين الدكتور صالح مصباح، انه يمكن التحقق من ذلك بالنظر في اهم الوسائط التي ارتبط بها تفكير الفلسفة في التواصل:

1- كيف كان الكلام في ذات الوقت شرط التواصل ولكنه لم يوفر الشفافية المنشودة؟

2- كيف كانت الكتابة كذلك في ذات المقام؟

3- كيف كانت الطباعة اداة وعائقا للتواصل؟

4- كيف غيرت الصورة تصورنا للتواصل منذ ظهور الصور

5- بيد ان ظهور مفهوم الوسائط المتعددة قد فرض تصورا جديدا لذات العلاقة، الى حد اعتباره نموذج المعقولية المعاصرة.

وقد اجاب المحاضر عن هذه الاسئلة والاشكاليات بكل عمق من خلال استجلاء تاريخ الفلسفة، ورصد ما تمثله الوسائط من اشكال في علاقتها برهان التواصل، وعرج على الصعوبات التي تعترض الانسان المعاصر في استعماله لمختلف الوسائط بين «الانا» و «الهو»، وبين «النحن» و «الهم»..، واكد في السياق ذاته على ان التواصل والوسائط ولئن كان مسألة واشكالا فلسفيا، فقد تكونت علوم جديدة متعلقة بالوسائط مثل: «علم الوسائط»، «وعلم اجتماع التواصل والاشهار»... وهو ما مكن الانسان من مقاربة المسألة، مقاربة علمية.

وفي تناوله لمسألة الهوية، اكد المحاضر على ان الهوية او الكونية هي مجرد فرضية.

هذا وقد تمحورت تدخلات الاساتذة بعد انتهاء المحاضرة حول مختلف الانظمة الرمزية وعلاقتها بمسألة التواصل، والافق النظري والعملي للتواصل عند الانسان المعاصر، والامكانات البديلة، لتاصيل الانسان في انسانيته، و «لملمة» جروح كينونته..

رسالة الفلسفة من رسالة المدرسة:

تصدرت «رسالة التربية» القانون التوجيهي للتربية والتعليم المدرسي لتعلن من البدء ان مطلوب المدرسة الاقصى هو تنمية ما هو انساني في الانسان، بايقاظ مؤهلاته وتنمية شخصيته بابعادها الخلقية والوجدانية والعقلية وتسليحه بما يكفل وعيه بذاته وبالآخر.

لذلك راهنت «مدرسة الغد» على تكوين عقول مفكرة بدل حشو الادمغة، عقول قادرة على تجاوز «حب البقاء الى حسن البقاء»، بفضل اذكاء الاقتدار لدى الناشئة حتى يفلحوا في حياة نشيطة تعي بالعمل قيمة وبالتنظيم المدني الحقوقي خيارا، يستلهم من قوة القوانين شرعية تخرج الشأن الانساني من دائرة المزاج الى حكم العقل.

من اهداف الفلسفة في التعليم الثانوي:

يرمي تدريس الفلسفة في الثالثة والرابعة من التعليم الثانوي الى:

- تمكين التلميذ من التمرس بالحرية بفضل ممارسة التفكير من خلال اعمال كبار الفلاسفة والمفكرين

- تمكين التلميذ من فهم افضل وتأويل اعمق لما يعرف سلفا، والوعي بذلك وعيا اوضح واشمل

- تحرير التلميذ من قوالب الآراء المتداولة ومن سيطرة الاحكام المتسرعة

- اعداد التلميذ اعدادا يمكنه من تحصين نفسه تحصينا يربيه على التبصر في الحكم والثقة في النفس والثبات على المبدأ دون سقوط في الوثوقية، والاعتدال في الموقف والتسامح في التعالم دون سقوط في التبعية.

- مساعدة التلميذ على الارتقاء ذاتيا من وضع اللامبالاة الى موقف واع يسند اختياراته فكرا وسلوكا، ويحمله على الادباع ويقيه التسطيح الفكري والوجداني والاستسلام الى المجهود الادنى.

المسائل العامة للبرنامج الجديد لمادة الفلسفة في الباكالويا

شعبة الآداب

عناوين المسائل

المعاني

I)- الانساني بين الكثرة والوحدة:

1- الانية والغيرية

2- التواصل والانظمة الرمزية:

3- الخصوصية والكونية:

التاريخ- الجسد- الذات- العالم- اللاوعي- الوعي

الآخر- الصورة - اللغة - الوساطة- المقدس

الاختلاف- العالمي- العولمي - الهوية- الكلي

II)- العلم بين الحقيقة والنمذجة:

1- ابعاد النمذجة:

أ- البعد التركيبي

ب - البعد الدلالي

ج - البعد التداولي:

2- النمذجة ومطلب الحقيقة:

أ- الحدود الابستيمولوجية

ب - الحدود الفلسفية:

الاكسمة - البنية - الترييض- الصورية

الافتراضي - القانون- الملائم- النظرية- الواقعي

التفسير - التحقيق- الفهم- النجاعة

الاختزالية - التاريخية - الانظمة التقنية

الحقيقة - المسؤولية - المعنى

III)- القيم بين النسبي والمطلق:

1- العمل: النجاعة والعدالة

2- الدولة: السيادة والمواطنة

3- الاخلاق: الخير والسعادة

4- الفن: الجمال والحقيقة

الاغتراب - الانصاف- التحرر- السوق- المال- المنفعة

الحق- الديمقراطية - السلطة - العنف- المقاومة- المواطن العالمي

الحرية - الرفاه- الفضيلة - الواجب

الابداع - التذوق - المحاكاة

IV)- الدراسة المسترسلة

من القائمة الرسمية للآثار الفلسفية المصاحبة

آراء وانطباعات المشاركين في الملتقى:

وحول فكرة واهداف تنظيم مثل هذا الملتقى الهام الذي قدمت فيه بعض المداخلات المتميزة، وبعض الوثائق لفائدة اساتذة مادة الفلسفة، التقى «الملحق الثقافي» بالمشرف على تنظيم هذا الملتقى الدكتور خميس بوعلي، كما استجلت آراء وانطباعات بعض الاساتذة المشاركين، وفيما يلي هذه الارتسامات

الدكتور  خميس بوعلي، متفقد مادة الفلسفة بجهة تونس:

- «ضمن الاهتمام بالبرامج الجديدة للفلسفة، والتي توسعت دائرة تدريسها لتشمل تلاميذ ما قبل الباكالوريا، ومن اجل توفير مناخ فكري يسهل على استاذ الفلسفة امكانية الحوار والتطارح النظري حول ابرز المشكلات المرتبطة بهذا البرنامج قصد توطيد العزم لديه على المراوحة بين التكوين النظري خارج القسم والبناء البيداغوجي داخله، وسعى هذا الملتقى: «الانساني «بين الوحدة والكثرة»، الى الامساك بطرفي المعادلة البيداغوجية : التكوين النظري، وبناء تمشيات، ايفاء بالشروط الفلسفية: الاشكالية والمنطقية/ المنهجية والبيداغوجية لتعليم الفلسفة في المعاهد.

وحيث التقى الاساتذة ليومين خدمة للفلسفة وحرصا على مسعى استنباتها في اذهان الناشئة في تونس، فان البحث في الانساني والتساؤل عما اذا كان فعلا يمثل قاسما حقيقيا بين البشر، سوف يعيد الينا اهم المسائل الانسانية والتواصلية والكونية التي ما انفكت الفلسفة تطرحها: انطولوجيا وقيميا، ويبدو ان ليس ثمة اكثر راهنية من هكذا قضايا».

الاستاذ الناصر البكري (معهد حي الحديقة بتونس)

«اتوجه في البداية بالشكر الى السيد خميس بوعلي، متفقد مادة الفلسفة، وذلك للمجهود الكبير الذي ادى الى نجاح هذا الملتقى على جميع المستويات: التنظيمية والمعرفية والبيداغوجية والمنهجية.. هذا ولقد مثل  الملتقى فرصة لالتقاء الاساتذة بوصفنا المدرسين الفاعلين في ميدان الفلسفة، واعترافنا  بقيمة واهمية هذا الملتقى المتعلق بالبرامج الجديدة للفلسفة، والاشتغال على المفاهيم والاشكاليات الفلسفية لدى المدرسين ولا بأس في ان يتجدد ملتقى ثان يتعلق بمسألة «العلم بين الحقيقة والنمذجة» بالنسبة للثلاثي الثاني».

الاستاذة سهام بن الامين (معهد نهج روسيا تونس)

«لقد تميز هذا الملتقى التكويني «الانساني بين الوحدة والكثرة» بثرائه المعرفي حيث انه نبه للاسئلة الممكنة التي تتعلق بهذا المحور، وقد نبه كذلك لخصوصية المفاهيم ولتاريخيتها بما يسمح بتوضيح المشكل المطروح في برنامج الباكالوريا، وقد قرب هذا الملتقى بين وجهات النظر وحاول بناء تمثل موحد للمسألة المطروحة، وقد راوح بين العلمي والبيداغوجي. واقترح امكانية تكثيف مثل هذه الملتقيات وجعلها مسايرة لنسق تقدم الاساتذة في البرنامج والتفكير في امكانية استدعاء بعض الكفاءات الاجنبية وان كانت الجامعة التونسية ثرية بهم، غير ان الحوار بين الجامعات والجامعيين واساتذة التعليم الثانوي يظل دوما مثمرا»

الاستاذ بهجي القروي (معهد مرسى السعادة - تونس)

- «كان هذا اللقاء ثريا بتدخلات عديد الاساتذة، حيث تبين ان اثراء الذات يمر عبر الحوار اذ ان الانسان في آخر الامر كائن مؤول، ولكي لا تتحول التاويلات المتعددة الى صدام، فعلى المرء ان يفهم ان الحقيقة مطلقة، ما قبلية.. وانما الحق والانساني انشاء وامل (رجاء)، ومهمة وكفاح..

واقترح بالمناسبة تكثيف مثل هذه الملتقيات الهامة واثرائها مع الآخر، عبر استدعاء بعض الاساتذة الاجانب لمزيد تعميق النظر حول مجمل المسائل والقضايا الفلسفية..»

الاستاذ عز الدين الذويبي (معهد «الامتياز» بسيدي حسين -تونس)

«عند اشتغالنا وتمرسنا بالبرنامج الجديد لمادة الفلسفة، كان مطلبنا الوحيد كأساتذة الى مثل هذا الملتقى الذي سيمكننا من فهم بعض المسائل المتعلقة ببرنامجنا الرسمي، والتي تعد حلقة محورية في تفكيرنا وعملنا ويومنا ومعاشنا..

وهنا نحن نلتقي ونناقش ونتعايش مع افكار نحن في امس الحاجة لها من خلال هذا الملتقى الذي قدمت فيه مداخلات لبعض الاساتذة الجامعيين مشكورين، حيث ساهموا في تقديم مداخلات قيمة على مستوى توجيه افكارنا في مسائل البرامج الجديدة التي تمثل بعض نقاط الارتكاز للتوسع  ولمزيد  الاطلاع حيث اثاروا العديد من الاحراجات والاشكاليات الممكنة للدرس. ويا حبذا لو تتوفر الفرص لاعادة مثل هذه الملتقيات في مسائل ثانية من البرنامج كأن تتوفر فرصة اللقاء حول مسألة «العلم بين الحقيقة والنمذجة».

هناك تعليق واحد: