احدث المواضيع

الأحد، 13 ديسمبر 2009

إمتحان في مادة الفلسفة

النص

" إن مفهوم الشخصية الذي حظي باهتمام علم النفس المعاصر، يحتل مكانة أرقى في التحليل النفسي، باعتباره مدرسة من مدارس علم النفس، فإنه يعطي أهمية كبيرة للتاريخ الشخصي، ويهتم في إطار تاريخ الشخص، بالعلاقات بين الأشخاص.

فالمحللون النفسانيون، لم يقدموا تعريفا عاما للشخصية. لقد اهتموا بالبحث عن تعريف يرتبط بالتنظيم الديناميكي للشخصية، وبباطن الشخص، وبالأنظمة السيكوفزيولوجية التي تضمن تكيف الفرد بمحيطه. لهذا، فالتحليل النفسي أكد على بنية الشخصية أو النظام النفسي".

السؤال:

في ضوء النص:

أوضح تصور التحليل النفسي(فرويد) للشخصية وبين حدوده.

___________________________________

الجواب

من خلال النص يمكن أن نوضح تصور التحليل النفسي للشخصية خاصة من وجهة نظر فرويد كما يلي:

- التاريخ الشخصي للفرد و أهميته:

نعلم أن كل فرد يحمل وراءه تاريخا يتكون من مراحل نمو متتالية:

1 مرحلة الطفولة وهي السنوات الخمس الأولى

2 مرحلة الكمون من 6 إلى 11 سنة

3 المراهقة

4 الرشد

1 مرحلة الطفولة

هي المرحلة الحاسمة في تكوين شخصية الفرد. خلالها تتركز الإستجابة التي يقوم بها الطفل في مناطق محددة من الجسم:

المرحلة الفمية خلال السنة الأولى حيث يعتبر الفم هو المنطقة الرئيسية للنشاط الطفولي

المرحلة الشرجية والمرحلة القضيبية في السنة الثانية حيث تعتبر مناطق الإخراج هي المراكز الرئيسية للنشاط الطفولي وكذلك الأعضاء التناسلية للجنسين.

تسمى هذه المراحل الثلاث بالمراحل قبل التناسلية

2 مرحلة الكمون

هي سنوات تتسم بالهدوء من الناحية الدينامية للفرد

3 المراهقة

تعود الدوافع قبل التناسلية لفورتها. إذا تم تهذيب هذه الدوافع و التسامي بها إنتقل الفرد إلى مرحلة النضج الأخيرة وهي المرحلة التناسلية.

3 الرشد

لا يعود الفرد يستخدم شحناته للحصول على اللذة من تنبيه و استخدام جسمه لذلك، بل بتحويل هذا الحب الذاتي أو النرجسي إلى حب موضوعي يلتمسه لدى الآخرين. فتبدأ بذلك الجاذبية الجنسية والنشاطات الإجتماعية و التخطيط المهني و الإستعداد للزواج في الظهور.

- العلاقات بين الأشخاص:

ويقصد بها هنا هي العلاقات بين الطفل ووالديه ففي المرحلة القضيبية التي تمتد بين الثالثة والخامسة من العمر، والتي تحتل فيها المشاعر الجنسية و العدوانية المركز الرئيسي، لأن الطفل و هو "يلعب" بعضوه الجنسي يكون ممارسا لإستمناء و للتخييل المرتبط به، وتتم خلال ذلك مشاعر متناقضة اتجاه الوالدين، فالولد يوجه شحنته الجنسية إلى أمه وشحنته العدوانية إلى أبيه، و العكس بالنسبة للبنت، و هذا ما يعرف بعقدة أوديب.  و إشتهاء الطفل لوالده من الجنس المغاير و كراهيته لوالده من نفس الجنس، ينجم عنه " الخوف من الخصاء" لدى الولد و "حسد القضيب" بالنسبة للبنت التي تعتقد أنها كانت تملك شيئا مهما "القضيب" و أنها فقدته (الخصاء). و من هذه العلاقة، و بسبب تحويل الجانب الشهوي تجاه الوالد من الجنس الآخر إلى مشاعر الحب و الرقة و الحنان، يتم كبت عقدة أوديب، و تطوير الشخصية في أحد مكوناتها الأساسية أي الأنا الأعلى، ولهذا يعتبر فرويد أن الأنا الأعلى هو وريث عقدة أوديب.

إن هذه العلاقات تتم داخل أسرة ووسط وأقرباء، وبسبب تعقدها، فهي إما أن تساهم في تكوين شخصية الفرد تكوينا سويا حيث يصبح التناغم بين متطلبات الهو و الأنا الأعلى حاصلا، و تكوينا غير سوي حيث تبقى المخلفات السلبية على حياة الفرد ذات آثار.

- أن الإهتمام كان بالتنظيم الديناميكي للشخصية وبباطن الشخص وبأنظمته التي تضمن تكيفه مع المحيط، و ليس بالشخصية عامة. لهذه الإعتباراتسُمي هذا الفرع من علم النفس الذي يهتم بالتنظيم الدينامي للإنسان بالإتجاه التحليلي و الدينامي"المتحرك" و ليس بالإجمالي أو الستاتيكي"المجمٌد". فالتحليل النفسييَعتبر الشخصية الإنسانية بنية أو نظاما نفسيا مكوٌناَ ثلاثة أنساق أو تشكيلات و هي: الهوٌ و الأنا و الأنا الأعلى.

الهوٌ  هو أهم ممثل للطاقة النفسية الغريزية، يستخدمها في تحقيق رغباته و إشباع حاجياته وفقا لمبدأ اللذة و طلبها، و الإبتعاد عن الألم. و لهذا يتوجه الهوٌ إلى موضوعه مباشرة و لا يعرف التأجيل، و لا يراعي الواقع أو الزمان.

الأناهو المنظم الواقعي و العقلي للشخصية يستعير الطاقة من الهو ليستعملها من جهة في تحقيق التوافق بين متطلبات الهوٌ و موانع الأنا الأعلى و الواقع، و من جهة ثانية في تحقيق مستوى أعلى من العمليات السيكولوجية كالإدراك و التذكر و الأحكام و التمييز و التجريد و التعميم "العمليات المنطقية" لكن إذا إشتدت شحنات الهو، يضطر الأنا إلى استخدام الطاقة النفسية أو جزء منها في ما يسميه فرويد " الشحنات المضادة" التي تظهر على شكل ميكانيزمات دفٌاعة مثل الكبت ، الإسقاط، التثبيت و النكوص ..إلخ. أمٌا الأنا الأعلى فهو أيضا يستمد الطاقة النفسية و يوظف شحناته إما لتأييد أهذاف الغرائز المتفِقة مع قِيَمه أو لإحباطها إذا كانت قير متفِقة مع تلك القيم. و إذ تغلبت تلك الشحنات فإن الغلبة ستكون للإعتبارات الأخلاقية، وهذا يعني أن شحنات الضمير ستقيد الآنا بقيود أخلاقية وتَحول دون أي من نوع من العمل و تحوٌله إلى مثالي، بل و قد تولد لديه الإحباط المستمر، في الأخير ينتهي الشعور المكتئب بالفشل.

-مناقشة التصور

إن تصور فرويد للشخصية لا يمكن مطلقا إنكار أهميته في حقل علم النفس و تاريخه. إنه تصور ثوري لأنه تناول الشخص الإنساني في واقعيته و حلل مراحل طفولته، و شدد على دور الغريزة الجنسية و الغريزة العدوانية في هذه المراحل. ويكاد يكون من الصعب عدم الإتفاق مع فرويد في طروحاته و نظرياته.

رسم فرويد مراحل تطور شخصية الإنسان عبر السنين، و بين خصائص كل مرحلة، كما رسم العمليات الدينامية التي تقع داخل الجهاز النفسي للإنسان سواء تلك المتعلقة بالرغبة(الهوٌ)، أو بالتوافق بين متطلبات الهو و الأنا الأعلى و العالم الخارجي (الميكانيزمات الدفاعة التي يستعملها الأنا) أو بالتوتر و الصراع و المرض. و لهذا كان التصور الفرويدي تصورا ديناميا، يندرج داخل علم النفس الشخصية و علم النفس المرضي.

  بيان حدوده

تركيز فرويد على الجنس كعامل وحيد للتفسير، فليست الشخصية الإنسانية محكومة فقط بدوافعها الغريزية الشهوانية، بل هناك دوافع أخرى كحب التملك، و حب الإنتماء إلى الجماعة، وحب التفوق على الغير...وكلها تعتبر موجهة للشخصية و متحكمة فيها.

تركيز فرويد على اللاشعور وعملياته. صحيح أن اللاشعور هو الأصل في السلوكات الإنسانية، إلا أن الفرد و هو ينمو يغادر اللاشعور إلى الشعور، فتصبح أفعاله بفعل النضج أقرب إلى الشعور. إن اللاشعور يتمظهر حتى لدى الراشد في الأحلام و الأمراض العصابية و الذهانية، و لكنه يبقى محدود الأثر في الحياة العامة للناس.

تعميم فرويد لأحكامه و إفتراضاته على الشخصية الإنسانية ككل، دون مراعاة لإختلاف المجتمعات و الثقافات و التي تتدخل في اختلاف تنشئة الأفراد، فليست كل المجتمعات تشبه المجتمع النمساوي الذي عاش به فرويد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق